بعد وضع العواطف جانباً سنذهب إلى التفكير والبحث مطولاً عن مكان الخطأ، وخاصة لاعتقادنا أنَّنا وضعنا كل ثقلنا وقدرتنا في سبيل تحقيق النجاح، فهذا المقال كُتب خصيصاً لمساعدتك على اكتشاف الأخطاء التي ارتكبتها بصفتك رائد أعمال مبتدئاً حتى تتمكن من تجنبها وتفاديها مستقبلاً، فبدلاً من الجلوس وندب سوء الحظ جرِّب متابعة القراءة.
أولاً: ما هو معنى أن تكون رائد أعمال؟
مصطلح رائد الأعمال يشير إلى الشخص الذي يمتلك الطموح والهدف أولاً، ويمتلك الأدوات التي تؤهله لتحقيق طموحه وبلوغ هدفه، فهو شخص مبدع لا يخاف من المخاطرة؛ ولذلك تجده يبحث عن أعمال جديدة غير مكررة وغير مستهلكة، أو يعمل على تطوير أعمال كانت موجودة ليبث فيها روحاً جديدة.
عموماً يمكن القول إنَّ كل شخص يبدأ في رحلة تأسيس عمله الخاص ومشروعه هو رائد أعمال.
ومن الهام أن تعرف أنَّ معظم الشركات التي لاقت نجاحاً كبيراً لا نظير له كانت في البداية فكرة صغيرة تدور في رأس رائد أعمال مبتدئ مثلك تماماً، ومن هذه الشركات “فيسبوك” و”كوكا كولا” وغيرها، فنحن نحمل جميعاً في داخلنا رائد أعمال صغيراً، ولكنَّنا في معظم الأوقات نتردد في إخراجه ومساعدته ليكبر؛ لأنَّنا نخاف الفشل، ذلك الغول الكبير الذي لن يتردد بالتهام أحلامنا وطموحاتنا وما نسعى إلى تحقيقه.
هذا الخوف هو ما يجعلنا لفترة طويلة عاجزين عن البدء بعملنا الخاص، وما إن تخطر في بالنا فكرة نقتلها حتى قبل أن تغادر عقولنا، فتموت قبل أن تولَد ونبقى نحن في مكاننا نراقب من يسبقنا إلى أفكارنا ويحصد نجاحاً كان من الممكن جداً أن يكون من نصيبنا فقط لو ضربنا خوفنا عرض الحائط.
إذاً وقبل البدء بسرد الأخطاء التي من الممكن أن تقع بها بصفتك رائد أعمال مبتدئاً، نريد منك شيئاً واحداً فقط وهو أن تضع القلق جانباً وأن تقتل الخوف داخلك وتمضي في حياتك وتؤمن بأحلامك؛ لأنَّ ما قد تعتقده الآن مستحيلاً من الممكن جداً أن يكون عملك الناجح في المستقبل.
فالوقوع في الخطأ لا يعني أبداً أنَّنا فشلنا، فالدرس الذي تتعلمه من أخطائك هو الدرس الوحيد الذي لن تنساه، والحفرة التي تقع بها هي فقط التي ستتمكن من تجنبها لاحقاً لأنَّك حفظت مكانها جيداً، والكثير من الأفكار التي تعج في رأسك لا تجعل منك رائد أعمالٍ ناجحاً، فخُذ الخطوة الأولى وعرِّف أفكارك إلى الضوء وأنِر حياتك إلى الأبد.
شاهد: 6 دروس ينبغي تعلّمها في الريادة من ستيف جوبز
ثانياً: ما هي أكثر الأخطاء التي يقع بها رواد الأعمال؟
يقع رواد الأعمال المبتدئون بالكثير من الأخطاء التي تعرقل سيرهم نحو النجاح، ولكنَّ هذه الأخطاء لا تعني أبداً الفشل، وبالإمكان تجنُّبها وتلافيها فقط بقليل من الحكمة، وفيما يأتي سنعرِّفك بأبرز هذه الأخطاء:
1. عدم الصبر على النجاح:
من الطبيعي بعد أن تبذر الأرض أن تنتظر وقتاً لتنبت وتكبر وتثمر، وبعدها تجلس لتنعم بقطف ثمار ما زرعت، ومن غير الطبيعي أن تتوقع أن تثمر الأرض بين ليلة وضحاها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى النجاح، فلا تتوقع أن تحصل عليه مباشرةً وبسرعة لأنَّ هذا لن يفيدك بشيء إلا الذهاب برجليك إلى مصيدة الخيبة.
فالتأخر في تحقيق النتائج التي تتوقعها ليس فشلاً أبداً، فالنجاح الحقيقي لا يأتي من فراغ؛ بل يحتاج إلى أساس متين ليبدأ ويستمر؛ لذلك لا تفقد صبرك بسرعة واترك لمشروعك الوقت الذي يحتاجه، ومن البداية كن متهيئاً لذلك.
2. عدم طلب مساعدة الآخرين:
قد تستغرب كثيراً من هذا البند، ولكنَّه في الحقيقة أكثر الأخطاء التي تقود رائد العمل إلى فشله دون أن يشعر؛ إذ يعتقد الكثير من رواد الأعمال المبتدئين أنَّه من الواجب عليهم القيام بكل شيء وحدهم دون مساعدة أحد؛ وذلك خوفاً من عدم قيامه بالعمل على أحسن وجه، وهذا ما يضغطهم ويأخذ وقتهم ويحمِّلهم فوق طاقاتهم، وفي النهاية لا ينجزون الأعمال والمهام كما يجب، فلا أحد يستطيع إنكار حالة الغيرة التي تصيب الشخص على فكرته أو مشروعه أو عمله، ولكنَّ هذا لا يعني تحويل هذه الغيرة إلى سلاح نشهره بأنفسنا ضد أفكارنا.
فالاستعانة بالاختصاصيين وذوي الخبرة ضرورية، وهذا الأمر ليس للنقاش، فقط عليك أن تُحسِن اختيار من يساعدك من الناس الموثوقين وذوي الخبرة والمؤهلين، وبذلك يتسنى لك الوقت الكافي للاهتمام بالأمور الهامة وتوكيل غيرك بالأمور الثانوية، وتذكر جيداً أنَّ طلب النصيحة ليس عيباً وأنَّ تخصيص جزءٍ بسيطٍ من ميزانيتك للمساعدين ليس تبذيراً.
3. عدم اتباع الشغف والاهتمام بالهدف الأساسي:
إن كنت تحب الكتب واخترت العمل في بيع الأطعمة لأنَّ بيع الطعام مطلوب ومربح أكثر من بيع الكتب، سنكون مضطرين إلى تحذيرك من الفشل الذي ينتظرك خلف الباب ويترقب خطوة خاطئة منك، فقلة الشغف تجعلك إنساناً ملولاً محدود التفكير وغير مبدع.
صحيح أنَّ بيع الطعام مربح أكثر ولكنَّك إن تبعتَ شغفك وبحثتَ عن أفكار مبتكَرة وجديدة لبيع الكتب فستنجح كن على ثقة، فالمثال يقبل النقيض والفكرة فقط تتعلق باختيار العمل في مجالات تحبها وترغب بها وعدم التركيز على الربح وجني الأموال بوصفها هدفاً أساسياً.
4. عدم المرونة:
قد تختار التجارة للبدء بمشروعك الخاص، وهنا ندعوك لعدم الاتكال على سلعة أو منتج واحد، فكن مرناً واقبل التغيير وكن جاهزاً دائماً للتكيف مع حاجة السوق، فأن تكون جامداً يعني أن تكون أنت الحجرة الأولى في طريقك نحو النجاح.
5. عدم استغلال الإنترنت استغلالاً جيداً:
لديك طريقة ناجحة وسهلة ورخيصة جداً للتسويق، فإياك أن تتجاهلها، فإذا استطعتَ استغلال منصات التواصل الاجتماعي استغلالاً مناسباً، فستقدِّم لك الكثير من العملاء وبشكل أسهل وأسرع من أيَّة طريقة أخرى.
6. عدم التأني عند اختيار الموظفين والتركيز على التمويل وضخ المال أكثر من الاهتمام باختيار فريق عمل مميز ومبدع:
عليك الانتباه إلى هذه النقطة جيداً، فالاهتمام بالموارد البشرية من أهم الأمور التي تساعد على نجاح مشروعك.
7. عدم الاهتمام بملاحظات العملاء:
حتى لو بلغتَ درجةً كبيرةً من النجاح، عليك دائماً تخصيص وقت للاطلاع على ملاحظات العملاء والنقاط التي لم تعجبهم عند التعامل معك؛ وذلك لتحسينها وتطويرها، وإياك إهمالها فالعميل في نهاية المطاف يبحث عما يناسبه ويناسب ذوقه.
8. عدم ممارسة النشاطات الاجتماعية:
بعض رواد الأعمال المبتدئين يدمنون العمل في البداية لدرجة انقطاعهم عن العالم الخارجي وابتعادهم عن محيطهم ونشاطاتهم، وهذا ما يوقعهم فريسةً سهلةً للإحباط والتعب.
9. عدم الثقة بالنفس:
بعض رواد الأعمال المبتدئين لا يثقون بأنفسهم ويقللون من قيمة قدراتهم ويخافون تنفيذ أفكارهم، وهذا ما يوقفهم في نفس المكان ويمنعهم من التطور والتقدم في مشروعهم، فيفتحون بذلك باب الفشل على مصراعيه.
ثالثاً: كيف يمكن لرواد الأعمال المبتدئين تجنُّب أخطائهم؟
طرائق المواجهة وآليات الدفاع وأساليب تفادي الوقوع في الخطأ ستختلف حتماً باختلاف الخطأ نفسه، فلكل خطأ أو هفوة طريقة مختلفة في تجنبها وتلافيها، وفيما يأتي سنقدم لكم مجموعة من النصائح التي يمكنكم عَدُّها نصائح عامة ومساعدة لكم عموماً على النجاح وتفادي الأخطاء بصفتكم رواد أعمال مبتدئين:
1. طوِّر نفسك دائماً وسلِّحها بالخبرة والمعرفة:
وهذا لا يتحقق ببساطة؛ بل يحتاج منك جهداً كبيراً للبحث والقراءة والاطلاع على تجارب الآخرين، لتكون قادراً ومؤهلاً وملماً بكل التفاصيل عند البدء بعملك ومشروعك الخاص.
2. استعن بخبير موارد بشرية في المرحلة الأولى من مشروعك:
حتى يقدم لك المساعدة المطلوبة لاختيار موظفيك وفريق عملك ممن لديهم الخبرة والمهارة والمرونة التي تحتاجها للبدء بقوة دون تعكير.
3. نظِّم وقتك جيداً:
ولا تسمح للعمل أن يسرق منك حياتك.
4. أسِّس لمرحلة جديدة في حياتك:
ويجب على هذا الأساس أن يكون متيناً، لكن تأكد لن يكون كذلك من غير الأصدقاء والأهل والعلاقات الاجتماعية الأخرى التي عليك أن تحافظ عليها لتكون بمنزلة بر الأمان لك كلما احتجت.
5. لا تستنفد كل طاقتك في العمل:
حتى لا تصل إلى مرحلة انهيار وتجلس في منتصف الطريق عاجزاً عن العودة إلى الوراء أو التقدم خطوة واحدة إلى الأمام.
6. مارس هواياتك واستمر بجميع نشاطاتك:
لأنَّها طريقتك الوحيدة الآن للتخلص من التوتر والضغط والقلق، ومن الهام أن توازن جيداً بين كل شيء.
7. ابتعد عن الإحباط:
فمشروعك لن يصير جاهزاً ومكتملاً دون مسيرة طويلة من العمل، وخلال هذه المسيرة أنت معرَّض دائماً للفشل في إحدى الجوانب، فتوقَّع هذا وأغلق الباب في وجه الإحباط ولا تسمح له بدخول حياتك.
شاهد أيضاً: ما الفرق بين ريادة الأعمال وإدارة الأعمال؟
8. آمن بنفسك وقدراتك:
فما فعلته حتى الآن ليس سهلاً وليس الجميع قادرين على فعله؛ لذلك تابع السير.
9. اصبر ودرِّب نفسك دائماً عليه:
فأن تحصد يعني أن تحرث وتسقي وتزرع وتعتني وتنتظر، فلا شيء يأتي بسرعة، وما يهم هو الاجتهاد والالتزام.
10. لا تتردد كلما أردت أن تخطو خطوة:
فعندما تدرس الأمور من كل جانب وتتأكد من عدم وجود خطأ ما، فقط الخوف من المخاطرة يمنعك من التقدم والتطور في عملك؛ لذلك تجنبه قدر الإمكان.
11. حوِّل حلمك الكبير إلى أحلام صغيرة:
واعمل على تحقيقها خطوة بخطوة حتى تصل في نهاية المطاف إلى تحقيق حلمك الكبير.
12. تذكَّر دائماً أنَّ الكثير من العقبات ستقف في وجهك:
وأنَّ الكثير من الليالي ستكون صعبة، ولكنَّ هذه ضريبة النجاح، وإن أردته فعليك دفعها.
في الختام:
أن تكون رائد أعمال مبتدئاً لا يعني أنَّك ستبقى مبتدئاً إلى الأبد، فكل خطوة تخطوها إلى الأمام هي خطوة هامة لتحقيق النجاح الذي تريده، فضع في حسبانك أنَّ كل خطأ هام أيضاً؛ بل وهام جداً؛ وذلك لأنَّ أفضل طريقة لتجنُّب الخطأ هي الوقوع فيه، ولا تخف من أخطائك؛ بل واجهها وتغلَّب عليها وآمن بقدرتك على ذلك.
المصادر: 1،2
اكتشاف المزيد من موقع الربوح
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.