انتفضت عنقاء الكلمة العربية في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، فسُميت هذه الحقبة “عصر النهضة” الذي شهد الأدب فيه تطوراً غير مسبوق، وكأنَّه برعم متعطش جاءه وابل من مطر بعث فيه الحياة، فراح يمد فروعه ويتشعب في كل اتجاه، فتطورت الألوان الأدبية التي كانت معروفة من شعر ونثر ومسرحية ورواية، وظهرت أساليب جديدة في الكتابة.

لأنَّ الكلمة مهما كان نوعها لا بد لها من قائل، فإنَّ أدباء عصر النهضة هم الجنود الذين ارتقوا بالأدب في تلك المرحلة، واعترافاً بفضل النقلة النوعية التي استحدثوها، نفرد هذا المقال لنعرِّفكم إلى أدباء عصر النهضة العربية.

أدباء عصر النهضة العربية:

فيما يأتي قائمة بأدباء عصر النهضة العربية، الذين حملوا على عاتقهم مهمة الارتقاء بالأدب وتطويره شعراً ونثراً، فكان الأدب العربي في تلك المرحلة نجماً ساطعاً في سماء الحضارة.

1. طه حسين:

من أدباء عصر النهضة العربية الذين تركوا بصمة مذهلة في الأدب العربي، وهو كاتب وناقد مصري مولود عام 1889، وقد لُقِّب بعميد الأدب العربي بفضل إسهاماته الثرية في تطوير الحركة الأدبية العربية، فضلاً عن كونه من أشهر دعاة التنوير في المنطقة العربية.

من أشهر أعمال الأديب “طه حسين” رواية “الأيام” التي تضمنت مسيرة حياته وأُصدرت عام 1929، كما ألَّف كتاب “في الشعر الجاهلي” ورواية “دعاء الكروان”، وفي جعبة الأديب الراحل عام 1973 الكثير من التكريمات والجوائز داخل “مصر” وخارجها.

2. مريانا مراش:

من أدباء عصر النهضة العربية الأديبة والشاعرة السورية “مريانا مراش” المولودة عام 1848، وهي صحفية أبدعت في عملها الصحفي وفي تأليف القصائد الشعرية، وكانت صاحبة أول صالون أدبي عربي، ولها دواوين عديدة أشهرها ديوان “بنت فكر”، وتوفيت عام 1919.

3. حافظ إبراهيم:

من أشهر شعراء وأدباء عصر النهضة العربية الشاعر المصري “حافظ إبراهيم” شاعر النيل مصري الجنسية والمولود عام 1872، فقد اشتُهر بمنافسته لأمير الشعراء “أحمد شوقي” وأنشد في حفل تكريمه في دار الأوبرا الخديوية كونه كان صاحب موهبة عظيمة في إنشاد الشعر.

تميز أسلوبه الأدبي بمتانة السبك والصياغة وجمال المفردات والتراكيب، ولعلَّ أبرز ما ميز مسيرته تعصبه الكبير للغة العربية وخوفه عليها من سموم الحداثة والاختلاط، فهو صاحب القصيدة الشهيرة “العربية تعاتب أبناءها”، ومن أشهر أعماله كتاب “الديوان” و”ليالي سطيح في النقد الاجتماعي” و”الموجز في علم الاقتصاد” و”في التربية الأولية”، وله بعض الترجمات مثل ترجمة رواية الكاتب “فيكتور هوغو” “البؤساء”، وتوفي عام 1932.

4. عباس محمود العقاد:

من أدباء عصر النهضة العربية الأديب والمفكر والصحفي المصري “عباس محمود العقاد” المولود عام 1889 والمعروف بسعة ثقافته واطلاعه في كل من مجالات الأدب والفلسفة، وعُدَّ من رواد الأدب العربي، وقد تُرجمت مؤلفاته إلى لغات عديدة، وسُمي على اسمه شارع في مدينة القاهرة تكريماً له.

في جعبته العديد من الجوائز مثل جائزة الدولة التقديرية في الآداب، ومن أشهر أعمال هذا الأديب الرائد “ساعات بين الكتب” و”وهج الظهيرة” و”وحي الأربعين”، وتوفي عام 1964.

5. خليل مطران:

لا يمكن أن نستذكر شعراء وأدباء عصر النهضة العربية دون أن نذكر الشاعر اللبناني “خليل مطران” المولود عام 1872 والمتوفى عام 1949، ولقبه هو “شاعر القطبين” بسبب تنقله المستمر بين “مصر” و”لبنان”، ويتميز أسلوبه الشعري بطابع متنوع ولمسة من الحداثة، فهو من أدباء عصر النهضة العربية الذين ساهموا في تطوير الشعر العربي عن طريق إدخال أساليب جديدة عما كان معروفاً في الشعر التقليدي.

كما أنَّه من أوائل الشعراء الذين كتبوا الشعر القصصي والتصويري، وقصيدته الشهيرة “المساء” هي أول ما يخطر في بالنا عندما نذكر اسمه، وله ديوان “الخليل” وترجمات عديدة لمؤلفات “شكسبير” و”فيكتور هوغو”.

6. أحمد شوقي:

من أشهر شعراء وأدباء عصر النهضة العربية المولود في “مصر” عام 1868، ولقبه هو أمير الشعراء، وقد اشتُهر بتفوقه الدراسي وبصمته الواضحة في النهضة الأدبية العربية، ومن أشهر أعماله ديوان “الشوقيات”، ورواية “عذراء الهند” و”آخر الفراعنة”، وأشهر كتبه كتاب “أسواق الذهب”، وأشهر مسرحياته “مجنون ليلى” و”مصرع كليوباترا” و”قمبيز” و”علي بك الكبير” و”الست هدى” و”عنترة”، وتوفي عام 1932.

7. توفيق الحكيم:

الأديب المصري “توفيق الحكيم” هو من أبرز أدباء عصر النهضة العربية المولود في “الإسكندرية” عام 1987، ويحكى أنَّه كان يتمتع بشخصية انطوائية، وهذا الأديب هو مؤسس فكرة المسرح الذهني التجريدي، وفي حصيلته الفكرية ما شكل إضافة ثرية إلى محتوى الأدب العربي.

ما تزال مؤلفاته تدرَّس في أيامنا هذه، ولعلَّ أشهرها رواية “عصفور من الشرق” و”نائم في الريف” و”أشعب” و”حمار الحكيم”، أما مسرحياته فأشهرها “شهرزاد” و”سليمان الحكيم” و”الأيدي الناعمة”.

8. مي زيادة:

من أشهر أدباء عصر النهضة العربية الأديبة الفلسطينية من أب لبناني “مي زيادة” المولودة عام 1886 في مدينة “الناصرة”، فقد أبدعت الأديبة في عملها الصحفي، واتسم أسلوبها في كتابة المقالات بالعاطفة الجياشة على الرغم من أنَّها كانت توقِّع بعضها باسم مستعار.

تشجيعاً للشباب على القراءة أنشأت أميرة أدباء عصر النهضة العربية صالوناً ثقافياً أسمته “ندوة الثلاثاء”، وقد ارتاده أهم أدباء عصرها، ومن أشهر أعمالها كتاب “المساواة” و”باحثة البادية” و”بين الجزر والمد”، ورواية “رجوع الموجة”، ومن أعمالها في الترجمة كتاب “ابتسامات ودموع”.

9. ميخائيل نعيمة:

“ميخائيل نعيمة” أديب من أشهر أدباء عصر النهضة، وهو لبناني الأصل ومولود عام 1889 وحاصل على الجنسية الأمريكية، وقد أمضى “نعيمة” معظم أيام حياته في قريته في “لبنان”، وكان يتأمل كثيراً في شلال ماء قريب، ومن الطبيعة الخلابة التي أحاطت به استوحى أفكاره الفلسفية عن التناغم بين الإنسان والله والطبيعة.

يُذكر في سيرة حياته بأنَّه أغرم بفتاة روسية في أثناء دراسته هناك، ولكنَّ القدر لم يكتب له الزواج بها، فقطع دراسته وعاد إلى بلاده ليسافر بعدها إلى “أمريكا”، ومن أشهر أعماله “همس الجفون” و”البيادر” و”كان يا ما كان” و”أبعد من موسكو ومن واشنطن”.

10. بدوي الجبل:

هو “محمد بن سليمان الأحمد” الملقب بـ “بدوي الجبل” واحد من أعظم شعراء وأدباء عصر النهضة العربية، وهو شاعر سوري مولود عام 1907 في أسرة متدينة ومثقفة، فقد برز حبه للشعر منذ نعومة أظفاره وتشبَّع بقصائد أبرز الشعراء العرب مثل “أبي تمام” و”المعري” و”المتنبي”.

تميز بديباجته العذبة وتوجهاته الصوفية وانتمائه السياسي المناهض للانتداب الفرنسي في “سوريا”، الأمر الذي سبب له السجن الذي ما إن خرج منه حتى توجه إلى “بغداد” ليعمل مدرِّساً للغة العربية في جامعة “بغداد”، ثم عاد لاحقاً إلى بلده.

تسببت مواقف “البدوي” السياسية وتحديداً قصيدته “من وحي الهزيمة” بتعريضه للخطر؛ إذ اختُطف في أثناء ممارسته لرياضته الصباحية وتعرض للتعنيف والتنكيل والتعذيب، الأمر الذي تسبب له بإصابات بالغة رافقته بقية حياته وكانت سبباً في وفاته عام 1981.

جُمعت أعماله كلها في ديوان وحيد أسماه “ديوان بدوي الجبل”، ولعلَّ أشهر قصائده قصيدة “اللهب القدسي” و”خالقة” التي غنتها السيدة “فيروز” و”من أجل الطفولة” و”شقراء”.

11. مصطفى لطفي المنفلوطي:

أديب من أشهر أدباء عصر النهضة العربية المولود عام 1876 في مدينة “منفلوط” التابعة لمحافظة “أسيوط” في “مصر”، وهو شاعر وأديب امتاز بعذوبة كلماته وموهبته الإنشائية الفذة، وقد تلقى علومه في “الأزهر الشريف” وسطع نجمه بسبب سلسلة مقالات أسبوعية بعنوان “نظرات” التي كان ينشرها في صحيفة “المؤيد”.

له كتب مترجمة من الفرنسية على الرغم من عدم إتقانه التام لها؛ وإنَّما كان يستعين ببعض المتقنين لترجمة القصة له ليقوم هو فيما بعد بصياغتها بأسلوب مبدع باللغة العربية، كما درس “المنفلوطي” علوم الفقه والأدب واللغة، وشغل وظائف عديدة في الدولة، وتميز بأخلاقه الحسنة وعزة نفسه فهو لم يتقاضَ يوماً أي أجر مقابل أدبه ولم يسخر كلمته لتحقيق أيَّة مكاسب شخصية.

من أشهر أعمال هذا الأديب نذكر كتاب “النظرات” الذي يقع في ثلاثة أجزاء، وهو عبارة عن تجميع للرسائل التي كان يكتبها وينشرها في صحيفة “المؤيد” وصحف أخرى تناقش قضايا الدين والأدب والحياة والمرأة، وكتاب “العبرات” الذي يحتوي على تسع قصص منها ما هو مترجم، وكتاب “مختارات المنفلوطي”، ورواية “مجدولين” و”الفضيلة” و”الشاعر” و”في سبيل التاج”، ومن أشهر قصائده قصيدة “سقاها وحيَّا تربها وابل القطر”، وتوفي “المنفلوطي” عام 1924 ورثاه العديد من الشعراء وأهمهم “حافظ إبراهيم” و”أحمد شوقي”.

في الختام:

كانت هذه جولة سريعة على أدباء عصر النهضة العربية الذي امتد من نهاية القرن التاسع عشر حتى مطلع القرن العشرين، وفيه شهد الأدب تطوراً وازدهاراً لا مثيل لهما، فاغتنت فروعه بأجمل الأعمال الشعرية والأدبية، وأضيفت إلى مجراه الرئيس روافد جديدة كانت سبباً في غناه وتنوعه.

لقد تحقق كل ذلك بفضل أدباء عصر النهضة العربية، تلك المشاعل التي أضاءت لنا دروب الارتقاء والوعي بأفكارها النيرة وعقولها المتقدة، مغلفة لنا هذه الرحلة بطابع جمالي ساحر تمثَّل في اللمسة الخاصة بكل أديب التي تركت له بصمة فريدة وطابعاً مميزاً عن رفاقه من أدباء عصر النهضة العربية.


اكتشاف المزيد من موقع الربوح

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع الربوح

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading