الولادة والنشأة لرجل الأعمال محمود العربي:

وُلِد “محمود العربي” في قرية “أبو رقبة” بمركز “أشمون” في محافظة “المنوفية” في الجمهورية العربية المصرية، وذلك في العام 1932 ميلادي، وعائلته كانت عائلةً ريفية بسيطة فقيرة، وعندما بلغ من العمر 3 سنوات؛ أي في العام 1935 ميلادي أرسله أهله إلى تعلُّم القرآن وحفظه، وتعلُّم مبادئ التعاليم الإسلامية والأخلاق والأمانة والتمييز بين الحلال والحرام في كُتَّاب القرية، وكان يساعد والده في الأرض؛ حيث قال: “فهمتُ من مساعدتي لوالدي في زراعة الأرض طبيعة الحياة والموت، وتعلَّمتُ أنَّه لا بُدَّ من بذل الجهد المناسب والكافي لكي يكتمل أي عمل، ويبدأ في إخراج ثماره”.

بدايات محمود العربي:

بدأ رجل الأعمال المصري “محمود العربي” التجارة منذ نعومة أظافره، مستعيناً بأخيه الأكبر الذي كان يعمل بالقاهرة؛ حيث كان محمود يوفر مبلغاً من المال لا يتجاوز الـ 40 قرشاً سنوياً ويعطيه لأخيه كي يشتري له بضاعةً من القاهرة ليقوم ببيعها في عيد الفطر، وهذه البضاعة عبارة عن: بالونات، وألعاب نارية، يفرشها أمام منزله ويبيعها لأطفال القرية، ثمَّ يجمع كل ما ربحه ويعطيه لأخيه ليجدد بضاعته في عيد الأضحى.

بقي كذلك حتى العام 1942 ميلادي؛ أي حتى بلغ عمر الـ 10 سنوات؛ حيث سافر إلى القاهرة ليعمل بمصنع ينتج العطور، ولكن من الصفات التي كان يمتاز بها “محمود العربي” أنَّه لا يحب العمل الروتيني التقليدي، ولا يفضل البقاء في الأماكن المغلقة؛ لذا لم يستطع البقاء في هذا العمل أكثر من شهرٍ واحدٍ فقط، وتمكَّن من إيجاد عملٍ آخر له في محلٍّ بحي الحسين، وكان راتبه في بداية الأمر 120 قرشاً في الشهر، ثمَّ أصبح يتقاضى 320 قرشاً بالشهر وبقي في هذا العمل لمدة 7 سنوات؛ أي لغاية عام 1949 ميلادي.

ومن أهم الدروس التي تعلَّمها من صاحب هذا المحل العم “عبد الرزاق العفيفي” يقول “محمود العربي”: “علَّمني أهم درس في حياتي التجارية كلها، فأفضل شيء أن تكسب قليلاً وتبيع كثيراً؛ لذا كانت أرباح المحل على الرغم من صغره وفيرةً، وكان العم “رزق” يكتفي بإضافة 2% على سعر الأصناف، بينما جيراننا يبيعون بهامش ربح 5%، وأحياناً 10% فكان فارق السعر يجذب الناس لمحلنا الصغير، واستمر عملي مع العم “رزق” حوالي 7 سنوات”.

وبعد تطوُّر مهارته في التجارة وأساليب البيع اختار أن يعمل في محل لتجارة الجملة بدلاً من المحل الذي كان يعمل به، وبالفعل بدأ العمل وكان أول راتب يأخذه آنذاك 4 جنيهات، ثمَّ بعد ذلك وصل راتبه إلى 27 جنيهاً في الشهر، وكان مبلغاً جيداً في ذلك الوقت؛ حيث تمكَّن من خلاله دفع تكاليف زواجه كافةً، وعمل في هذا المحل مدة 15 عاماً؛ أي حتى العام 1963 ميلادي.

وفي العام 1963 ميلادي قرر “محمود العربي” أن يكون له عملٌ خاصٌ به، فقرر هو وزميله الذي كان يعمل معه في المحل أن يجدا شريكاً لديه رأس المال الكافي ليساهم به، وهم يشاركون بمجهودهم، وكان المال اللازم لافتتاح محلهم الخاص 5 آلاف جنيه، وبالفعل تمكَّنوا من إيجاد الشريك وافتتح “محمود العربي” أول محلٍ له في القاهرة بمنطقة “الموسكي”، والمحل موجود إلى يومنا هذا.

وبعد 3 أيام فقط من بدء العمل في المحل مَرِض زميله وصاحبه، فقام “محمود” بإدارة المحل بمفرده، وتمكَّن من تحقيق أرباحٍ تفوق أرباح 10 محلات مجتمعة، واستطاع تنمية تجارته تنميةً كبيرةً، بفضل أخلاقه النبيلة وأمانته في العمل والتي كانت سرَّ نجاحه وتميُّزه.

وبعد عامين بدأَت المشكلات مع الشريك؛ وذلك لأنَّه كان يريد إخراج الشريك المريض وهذا ما لم يوافق عليه “محمود العربي”، وانتهى الأمر بفض الشراكة وشراء محمود وزميله محلاً آخر، وبعد فترةٍ من الزمن عاد الشركاء القدامى وعرضوا عليه محلهم مرةً أخرى، وبالفعل بدأ العمل فيه مع أبناء صديقه الشريك المريض، وبعد أن توسعت تجارته أرسل إلى إخوته جميعاً ليعملوا معه، ونجحَت الشركة وأصبحَت “شركة مساهمة”.

ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ تجارة “محمود العربي” كانت تعتمد على الأدوات المكتبية واللوازم المدرسية، ولكن عندما قررَت الحكومة في الستينيات من القرن الماضي أن تمنح الطلاب جميع مستلزماتهم مجاناً عندها لم يبقَ أي سوق لتجارة “العربي”؛ مما اضطره إلى استبدالها وتحويلها إلى تجارة الأجهزة الكهربائية، خاصةً أجهزة الراديو والكاسيت، والتلفاز.

وقرر “العربي” مع انطلاق سياسة الانفتاح الاقتصادي في مصر في منتصف السبعينيات، تحويل أعماله كافةً إلى تجارة الأجهزة الكهربائية، وبدأ التفكير بأخذ وكالة إحدى الشركات العالمية، ولكنَّ العائق الأكبر له آنذاك هو امتلاء محلاته بالأدوات المكتبية.

وذات يوم كان من نصيب “محمود العربي” أن يتعرف إلى أحد الطلبة الدارسين في الجامعة الأمريكية، وهو ياباني الأصل ويعمل لدى شركة “توشيبا” ولمس أمانة “العربي” فكتب تقريراً أرسله إلى شركته يخبرهم به بأنَّ “محمود العربي” هو أفضل من يمثِّل الشركة في مصر، وبالفعل وافقت الشركة على منحه التوكيل، كما أنَّه أصبح بعد ذلك وكيلاً لعلاماتٍ تجاريةٍ يابانيةٍ أخرى مثل: سيكو، وسوني، وهيتاشي، وإن إي سي.

توشيبا “العربي”:

زار رجل الأعمال المصري “محمود العربي” اليابان في العام 1975 ميلادي، ورأى مصانع شركة “توشيبا”، وعرض على المسؤولين فيها إنشاء مصنع لهم في جمهورية مصر، على أن يكون المكون المحلي من الإنتاج 40% وجاء عرضه بالموافقة، وبعد ذلك ارتفعَت نسبة المكون المحلي لتصبح 60% ثمَّ 65% وبعد ذلك وصلَت إلى 95%، وفي العام 1978 ميلادي أنشأ “محمود العربي” شركة “توشيبا العربي”.

علاقة محمود العربي بالسياسة:

لم يكن “محمود العربي” مهتماً بالسياسة، ويقول عن ذلك في إحدى لقاءاته: “أنا في الأصل تاجر ودخلتُ الصناعة من باب التجارة الذي أفهم فيه، وفي الثمانينيات طلب مني محافظ القاهرة آنذاك أن أرشح نفسي لمجلس الشعب وألحَّ في الطلب، ولكنَّني رفضتُ رفضا قاطعاً، ثمَّ طلب مني المحافظ التالي، وبعد طول إلحاح منه وافقتُ ودخلتُ البرلمان لدورة واحدة.

يقول: إنَّني أرى أنَّ عضوية مجلس الشعب كانت مضيعةً للوقت بالنسبة إليَّ، وكان مصنعي ومتجري أولى بي، فالسياسة لها رجالها وأنا لستُ منهم”. كما انتُخِب عضواً بمجلس إدارة “غرفة القاهرة” واختير أميناً للصندوق، وذلك في العام 1980 ميلادي، وفي العام 1995 ميلادي انتُخِب “محمود العربي” رئيساً لـ “اتحاد الغرف التجارية”.

ثروة محمود العربي وحقائق أخرى عنه:

حصل رجل الأعمال المصري “محمود العربي” على أرفع وسام ياباني من الإمبراطور الياباني “أكيهيتو” وسام الشمس المشرقة؛ وذلك تقديراً له على تحسين ودعم العلاقات المصرية اليابانية في العام 2009 ميلادي، وأشاد به الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” بسبب المجهود الكبير الذي بذله لتنمية ودعم الصناعة الوطنية المصرية؛ حيث تُقدَّر ثروة رجل الأعمال المصري “محمود العربي” بما يقارب مليار ونصف مليار دولار أمريكي.

الحياة الخاصة لمحمود العربي:

تزوج “محمود العربي” من إحدى قريباته في عمر الـ 18 عاماً ولديه 6 أبناء من الذكور والإناث، ويقول في إحدى لقاءاته: “تزوجتُ من إحدى قريباتي وكان عمري 18 سنةً بناءً على وصية أبي وقدَّمتُ لها مهراً وشبكة كلفتني 40 جنيهاً كاملة، الشبكة 23 جنيهاً والمهر 17 جنيهاً، واشترينا أثاثاً متواضعاً مناسباً لظروفنا في هذه الأيام، وكان عبارة عن مرتبة، ووسادتين، وحصيرة وبعض الأواني النحاسية، والصندوق الخشبي المشغول بالنحاس، وصينية تتسع لست قلل عليها أغطية ملونة متميزة من البلاستيك، وكان أول ظهور لغطيان القلل البلاستيك في هذه الفترة، وكانت العائلات تَعُدُّ هذه الأغطية الملونة من الأشياء الهامة للغاية في جهاز العروسين.

أقمنا الفرح في سرادق بجوار شجرة توت ضخمة في قريتنا، وغنى لنا المطرب “محمد الكحلاوي” الذي كان أيامها مطرباً شعبياً يغنى بطريقة “محمد طه” قبل أن يتخصص في المديح النبوي، وإنَّ زوجتي تحمَّلَت معي المسؤولية كاملةً، فكنتُ أنا مشغولاً في عملي الشاق، وتركتُ لها المسؤولية الخاصة بالتربية وإدارة شؤون المنزل، فقد كانت تعمل من السابعة صباحاً حتى قرب منتصف الليل كل يوم ولا تشكو، ولم أشعر أبداً بأي تقصير منها في البيت”.

شاهد بالفديو: 7 قواعد ذهبية تمهد طريق النجاح

 

وفاة محمود العربي:

توفي رجل الأعمال المصري في التاسع من شهر أيلول من العام 2021 ميلادي، عن عمرٍ يناهز الـ 88 عاماً، وشارك آلاف المصريين في تشييع جنازته، وبذلك نكون قد قدَّمنا لكم أهم محطات حياته.

المصادر: 1، 2، 3، 4


اكتشاف المزيد من موقع الربوح

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع الربوح

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading