كثيرون هم الذين ينطلقون في عالم الأعمال وحدهم تغمرهم الحماسة، ليفشلوا ويعودوا إلى نقطة الصفر بعد فترة قصيرة؛ إذ إنَّ عدداً كبيراً من الشركات لا تلبث تحقق نجاحاً بسيطاً حتى تتداعى سريعاً بعد ذلك، عدا عن روَّاد الأعمال الذين يحققون نجاحات كبيرة عدة مرات ويخسرون كل شيءٍ دفعةً واحدة، وقليلون هم من يعثرون في النهاية على الإجابات، ويعيشون الحياة التي لطالما تمنوها، من دون أن يخشوا عالم الأعمال أن يسلبهم ما عملوا على تحقيقه.
يهمل العديد من روَّاد الأعمال الناشئين مهمة جوهرية هي التواصل مع الآخرين، والأهم من ذلك مع أنفسهم؛ إذ إنَّه من دون تأدية العمل اللازم والبحث، لإدراك ما يعنيه بالضبط أن تكون رب عمل، ولفهم مصدر رغبتك تلك، فأنت تعقد صفقةً ستكون عواقبها وخيمةً عليك في النهاية.
من المألوف أن تسمع قصة شخص قرر ترك وظيفته وإطلاق شركته بنفسه، لأنَّه أراد التحرر من رتابة العمل 8 ساعات يومياً، وتلك رغبة تراودنا جميعاً، خاصة أولئك الذين يشعرون أنَّهم يضيعون حياتهم جالسين خلف مكاتبهم، ينتظرون انتهاء فترة العمل، ويتمنون لو يمر الوقت بسرعة أكبر.
لكنَّ المشكلة هي أنَّ هذا الشعور وحده غير كافٍ؛ إذ يجد ذلك الشخص عادةً بعد أن يؤسس شركته الخاصة، أنَّه أصبح مشغولاً أكثر من ذي قبل وبالكاد لديه متسع من الوقت يقضيه مع عائلته، وأنَّه مضطر ليعمل من دون توقف ليرضي عملاءه. وفي النهاية، يحصل على مراده ويتحرر من رتابة العمل، لكنَّه لم يكن يدرك الثمن الذي سيدفعه مقابل ذلك؛ لذا، إليك 3 أسئلة يجب أن تطرحها على نفسك قبل أن تقرر أنت اتخاذ تلك الخطوة:
1. كيف ستساعدني ريادة الأعمال في أن أصبح الشخص الذي أتمنى أن أكون عليه؟
من الغريب كم يتعجل الناس في اتخاذهم هذا القرار؛ إذ تجدهم يركزون على فكرة الدخل الأعلى، والحرية الأكبر، ووقت الفراغ الأطول، من دون أن يفكروا في سبب رغبتهم في الحصول على تلك الأشياء. لكن في الحقيقة، يجب أن تتمهَّل وتفكر حقاً فيمن تريد أن تكون عليه، وتتخيل كيف تريد أن يمر يوم طبيعي في حياتك تلك.
على سبيل المثال، ربما ترغب في أن تتعرض لضغوطات أقل وأن تكون صبوراً ومعطاءً، أو قد تريد أن تكون مرتاحاً أكثر مالياً، بحيث تستطيع أن تشتري ما تريده من دون أن تقلق بشأن السعر.
أيَّاً كان هدفك، كُن صادقاً مع نفسك، ثم تخيَّل كيف سيبدو يومك العادي لو كنت تملك تلك الأشياء التي ترغب فيها. وتذكَّر أنَّ تلك ستكون حياتك كل يوم وليس ليوم واحد فقط، وتخيَّل كيف ستشعر لو كان ذلك واقعك، ذلك هو الشخص الذي تريد أن تكونه حقاً، والحياة التي تريد أن تعيشها.
2. هل سأكون سعيداً في العمل بعيداً عن المجال الذي أحبه؟
نقطة أخرى يغفل عنها أصحاب الشركات الجدد، وهي أنَّهم سيكونون مشغولين في إدارة الشركة لدرجة أنَّهم لن يتمكنوا من العمل فيها، وقد يرى ذلك بوضوحٍ من يراقب الموقف من الخارج. لكن إن كنت شخصاً أنشأ شركته بناءً على شغفه، فهل ستكون مستعداً لتوكيل العمل إلى شخص آخر؟ أنت في النهاية المالك، وتقع على عاتقك مهمة إدارة وتنمية الشركة.
أمَّا الخيار البديل، فهو تعيين شخص خبير ليدير الشركة نيابة عنك، غير أنَّ هذا الخيار مكلف، وخاصة إذا كنت تبحث عن شخص بارع. كما ستضطر إلى أن تعرِّفه إلى هيكلية الشركة وأهدافها ممَّا يستغرق وقتاً؛ لذا ما لم تكن مستعداً لإنفاق الكثير من المال، يجب أن تعرف مسبقاً ما هي المهام اليومية التي ستعمل عليها عند إنشاء شركتك.
3. هل سأتحلَّى بالعزيمة اللازمة لأتخطى الصعوبات؟
يجب أن تعرف ما إن كنت تتمتع بالجلادة اللازمة لتتخطى المحن، ومعرفة ذلك ليس بالأمر السهل؛ لذا اطرح على نفسك هذه الأسئلة الصعبة وحاول تخيُّل أسوأ الاحتمالات، ثم تذكَّر سبب اختيارك أن تصبح رائد أعمال.
الفكرة هنا ليست إخافتك لتعدل عن قرارك، بل تحديد التحديات التي ستواجهها، وفهم تأثيرها فيك، ثم محاولة التصدي لها مستعيناً بالدافع الذي حفزك في البداية. فإذا كان دافعك قوياً بما فيه الكفاية، ستتمكن من تحقيق المستحيل، وستسمح لك هذه المعرفة بالاستمرار في العمل حتى تحقق مبتغاك، حتى لو لم تتمتع بخبرة سابقة.
في الختام” اعثر على منتور”:
إحدى أفضل طرائق تجنب هدر وقتك في التجريب هي العثور على منتور، ليكون شخصاً يرشدك ويُقدِّم لك النصيحة ويُسائلك، وستدرك سريعاً أنَّ هذا النوع من الأشخاص لا يُقدَّر بثمن.
ابدأ البحث عن أشخاص تحترمهم، ولكن ضع في حسبانك أنَّ اختيار أشهر وأنجح الأشخاص كمنتور لن يكون واقعياً، لأنَّ هؤلاء غالباً ليس لديهم الوقت ولا الرغبة في مساعدتك شخصياً. وحتى لو كانوا متاحين، ستكون خدماتهم مأجورة ولا يمكنك تحمُّل تكلفتها؛ لذا ابحث عن شخص ضمن المجال الذي ترغب في دخوله، وليكن شخصاً اتخذ الخطوات ويحقق النجاحات التي تسعى إليها، وقد لا يكون شخصية معروفة، لكن إذا بحثت جيداً فستجد أشخاصاً رائعين حقاً.
المصدر
اكتشاف المزيد من موقع الربوح
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.