فقد يبدو أنَّ المدير أكثر تحكُّماً بوقته وواجبات عمله، وقد نظن أنَّه إذا شعر بقليل من التوتر، فيمكنه أن يأخذ إجازة من العمل، وإذا لم يرغب في القيام بشيء ما، يمكنه تسليم المهمة لشخص آخر، لكنَّ مسؤولية قيادة أي شركة تشكِّل عبئاً ثقيلاً على عديد من مالكيهم.

بالإضافة إلى ذلك، عندما تكون شغوفاً لتنمية عملك التجاري، فقد يكون من الصعب ملاحظة أعراض الاحتراق الوظيفي التي تظهر لديك، فقد يستغرق الأمر أشهراً طويلة أو حتى سنوات من محاولة المقاومة قبل أن تلاحظ أنَّ جسدك أو عقلك قد أُنهِك تماماً.

ستساعدك النصائح الآتية على تجنُّب الاحتراق الوظيفي ومعالجة أعراضه الموجودة، مثل الإرهاق، ومشكلات النوم، والانفعال، وضعف جهاز المناعة وغيرها، مع ذلك، إذا شعرت أنَّ هذه المشكلات قد أصبحت خطيرة، فمن الأفضل استشارة طبيب أو معالج نفسي، بالإضافة إلى اتباع هذه النصائح:

1. اعثر على شريك عمل موثوق:

يوجد سبب يدفع شخصين أو ثلاثة أشخاص على الأقل إلى المشاركة في تأسيس معظم الشركات الناشئة في الوقت الحاضر؛ إذ يُعَدُّ بدء مشروع تجاري وتنميته نشاطاً صعباً جداً، ويمكن أن يصبح مهمة شاقة إذا أردت القيام به وحدك، وحتى ولو بدا الأمر مُمكناً في البداية، فستظهر مسؤوليات واحتياجات وقضايا جديدة مع نمو شركتك.

إذا كنت محظوظاً بما يكفي، فسيكون لديك شريك جدير بالثقة لمشاركتك نجاحات وإخفاقات إدارة العمل التجاري، أمَّا إذا كنت تقوم بذلك وحدك، لكنَّك ترغب في العثور على شريك، فابحث عن شخص:

  1. جدير بالثقة وقد عملت معه بالفعل، إمَّا بوصفهم زملاء أو مؤسسين.
  2. لديه مهارات وطبع يكمِّلان مهاراتك وطبعك.
  3. لديه عادات وأخلاقيات عمل مماثلة لعاداتك وأخلاقياتك.
  4. تولِّي مسؤولية المشروع التجاري بالتساوي، سواء مالياً أم عملياً أم حتى عاطفياً.

قال المؤسس المشارك لتطبيق “سابلايفول” (Supliful)، “ريتشارد بيكس” (Rihards Piks)، أنَّه كان هو وشريكه في العمل “مارتينز” (Martins) أصدقاء منذ الطفولة، وقد عملوا مسبقاً على عدة مشاريع تجارية معاً قبل أن يؤسِّسوا تطبيق “سابلايفول”، ولقد أدَّت شراكتهم المُتماسكة دوراً هامَّاً عندما واجه المشروع السابق الإفلاس، وقد قال أيضاً: “عندما قرَّرنا الحصول على قروض شخصية لإنقاذ أعمالنا من الانهيار، خاطرنا نفس المخاطرة وأخذنا على عاتقنا حصة متساوية من القرض، ولم يصبح أي منَّا مؤسساً مشاركاً لا فائدة منه”.

2. حدِّد أولوياتك في أقرب وقت ممكن:

عندما تبدأ في عمل تجاري، ستبدو قائمة المهام والخطط كثيرة جداً، وسيكون من الواضح أنَّه من غير الممكن أن تتولَّاها جميعها، فهذا هو سبب أهمية تحديد الأولويات عندما تكون مالكاً لشركة ما؛ بمعنى آخر عليك اتخاذ خطوات صغيرة، لكن تركِّز على الاتجاه الصحيح.

إذا كانت شركتك ما تزال في مراحلها الأولى، فامنح الأولوية للمهام التي ستساعدك على إنشاء منتج الحد الأدنى (MVP) لبدء عملك وجذب العملاء؛ أي النموذج الأولي القابل للتشغيل من عملك التجاري، وإذا كنت تدير عملاً تجارياً قائماً بالفعل، ففكِّر في نقل المهام التشغيلية إلى الآخرين ببطء، مع التركيز على أهداف الشركة والجوانب الأساسية الأخرى لعملك التجاري.

فقد عملت مؤسِّسة الشركة التي تُدعى “كالي” (Kali)، “جونا بيرا” (Jonna Piira)، في عديد من المشاريع حتى أُجبرت على أخذ فترة من الراحة، لأنَّها سقطت من على السلالم، وحينها أدركت أنَّها كانت تعاني من الاحتراق الوظيفي الذي يصيب رواد الأعمال، وقرَّرت إلقاء نظرة فاحصة على قائمة أولوياتها.

لقد قالت أيضاً: “لقد راجعت كل ما كنت أفعله، وأدرجت جميع التزاماتي من الأكثر أهمية إلى الأقل، ثمَّ راجعت مقدار الوقت الذي يستغرقه كل التزام في كل أسبوع، ثمَّ حذفت العناصر الموجودة في أسفل قائمتي”.

شاهد: 12 نصيحة للحفاظ على الصحة النفسية

 

3. فوِّض المهام بدلاً من الإدارة التفصيلية:

يتعرَّض مؤسِّسي الشركات الجدد لمخاطر الإصابة بالاحتراق الوظيفي، لأنَّهم يعملون في ظلِّ حالة من انعدام اليقين، ومن ثمَّ يشعرون أنَّهم يجب أن يكونوا مسؤولين عن كل جانب من جوانب العمل، وأن يتحكَّموا بكل شيء؛ إذ يعلم أرباب الأعمال التجارية الأكثر خبرة أنَّه من المستحيل – ومن غير الضروري – المشاركة في كل عملية وقرار داخل الشركة.

لذا، بدلاً من محاولة التحكم بكل شيء، اتبع هذه الاستراتيجيات:

  1. توظيف أشخاص رائعين، ومنحهم ثقتك للوفاء بمسؤولياتهم.
  2. تذكُّر قائمة أولوياتك والتركيز عليها، بدلاً من التحقق من أداء فريقك باستمرار.
  3. جدولة اجتماعات أسبوعية أو شهرية مع فرق وموظفين مختلفين لكي تبقى على اطلاع بالعمليات الأكثر أهمية إذا لزم الأمر.
  4. تفويض المهام اليدوية البسيطة إلى موظفين مستقلين.
  5. إعداد الوثائق لتسهيل كيفية إدارة العمليات داخل الشركة.

يقول الشريك المؤسِّس والرئيس التنفيذي لشركة “سيتوباد” (Setupad) الناشئة لتكنولوجيا الإعلانات “تومز باندرز” (Toms Panders): “لقد قضيت ما يقرب من 10 سنوات في العمل في مجال الإعلانات قبل إنشاء شركة سيتوباد، لذلك شعرت أنَّني كنت أعرف كيف أقوم بالأشياء بالطريقة الصحيحة، وأردت المشاركة في كل قرار يُتَّخذ داخل الشركة.

مع ذلك، نظراً لأنَّ الشركة كانت تنمو بسرعة، أدركتُ أنَّني يجب عليَّ أن أخفِّف التحكُّم بالأمور قليلاً، وأن أثق بفريقي إذا أردت أن أبقى في كامل قواي العقلية وأتجنب الاحتراق الوظيفي”.

4. وثِّق العمليات والمبادئ التوجيهية:

لكي تتجنَّب الاضطرار إلى المشاركة في كل عملية داخل الشركة، فمن الأفضل تنظيم معيار التشغيل الداخلي (Standard operating procedures) لشركتك في أسرع وقت ممكن، فهي العمليات الموثَّقة الخاصة بمجال أو بنوع عملك، تصف فيها الخطوات اللازمة لإكمال المهام وَفقاً لقواعد المجال الذي تعمل به.

يُعَدُّ معيار التشغيل الداخلي ضرورياً لإدارة عمليات تجارية سلسة، ولإعداد الموظفين الجدد بأسرع ما يمكن، فباتباع هذه الوثائق خطوة بخطوة، يمكن لأي شخص إكمال المهام وقيادة المشاريع الأساسية.

عند البدء بعمل تجاري صغير، قد يبدو أنَّ معيار التشغيل الداخلي ليس ضرورياً، لكن مع نمو شركتك، سترى أنَّ هذه الوثائق ستوفِّر وقتك الثمين الذي يتعيَّن عليك قضاؤه في المنتورينغ، بدلاً من الاهتمام بأهداف العمل الأخرى، وهذا لا يعني أنَّ معيار التشغيل الداخلي يحلُّ محل كل تفاعل بشري في أثناء إعداد الموظفين وتفويض المهام، لكنَّها تساعد كثيراً وتوفِّر الوقت.

5. استخدم التطبيقات التي توفر الوقت وتعمل على أتمتة المهام:

يمكن أن تساعد الأتمتة على توسيع نطاق عملك دون الحاجة إلى العمل على المهام المُملَّة والمتكرِّرة منه، فعندما تشعر بأنَّك تقضي معظم وقتك في القيام بشيء يدوياً، تحقَّق ممَّا إذا كان يوجد تطبيق للقيام بذلك نيابة عنك، فمن المحتمل أن تجد تقنية تحل مشكلتك وتؤتمت العمليات دون الحاجة إلى بذل كثير من الجهد والوقت منك أو من فريقك.

على سبيل المثال، لا توجد حاجة لإدارة المهام وإسنادها يدوياً والتحكم في كل شيء عندما يكون هناك كثير من التطبيقات الرائعة لإدارة المشاريع؛ إذ تقدِّم عديد من هذه الأدوات إصدارات تجريبية مجانية، حتى تتمكَّن من اختبارها قبل شرائها.

أكدت المؤسسة المشاركة لوكالة العلاقات العامة وتسويق المحتوى التي تدعى “تروسيكس” (Truesix)، “جوليا جيفورد” (Julia Gifford)، أنَّها وفَّرت كثيراً من الوقت والجهد عندما استبدلت إنشاء الفواتير يدوياً باستخدام برنامج خاص بذلك، فقد بدا الأمر غير منطقي في البداية، ولهذا استغرق وقتاً طويلاً لإجراء التبديل، لكنَّ الأشياء الصغيرة التي تُجرى تلقائياً هي التي أحدثت فرقاً في النهاية؛ إذ قامت بالأمر بطريقة سريعة جداً، ناهيك عن وجود أخطاء أقل بكثير.

شاهد أيضاً: 7 علامات للاحتراق المهني

 

6. اعتنِ بحياتك خارج العمل:

توصَّل معظم رواد الأعمال بشقِّ الأنفس إلى حقيقة مفادها أنَّ العمل نادراً ما يتسبَّب في الاحتراق الوظيفي لدى رواد الأعمال؛ فيعود الأمر إلى مزيج من عوامل خارجية مختلفة، إلى جانب نمط الحياة وسِمات الشخصية.

ترتبط صحة عقلك ارتباطاً مباشراً بصحة جسمك؛ أي إنَّ إهمال ممارسة الأنشطة البدنية، وتناول الطعام غير الصحي، والحصول على قسط قليل من الراحة، والتدخين، كلها أمور تساهم في الاحتراق الوظيفي.

فإذا كنت تعاني من التوتر، فمن الضروري أن تتعلَّم كيفية التعامل معه تعاملاً صحياً، سواء كان ذلك من خلال ممارسة التأمل أم الرياضة أم التدليك أم أي شيء آخر يساعدك على الاسترخاء، بالإضافة إلى ذلك احرص على حصولك على فترات كافية من الراحة، وممارسة الرياضة، أو على الأقل المشي خلال ساعات العمل.

قال مؤسس شركة التكنولوجيا المالية التي تدعى “توينو” (TWINO) “آرماندز بروكس” (Armands Broks)، إنَّه من أجل الحفاظ على الصحة العقلية، يجب أن تكون جميع مجالات الحياة في حالة توازن، فلا يمكنك التركيز على العمل وإهمال جسدك أو مشاعرك، فإذا كنت لا تستطيع الاحتفاظ بهذا التوازن، فإنَّ إصابتك بالاحتراق الوظيفي هي مجرد مسألة وقت فقط.

يجد معظم رواد الأعمال الشغوفين والطموحين، وخاصة مؤسسي الشركات الناشئة، صعوبة في التمهل والتوقف عن العمل عندما ما يزالون يشعرون أنَّهم قادرون على فعل الكثير.

يؤكد “آرمندز” أيضاً أنَّ من أصعب القرارات التي كان عليه اتخاذها هو تسليم زمام أعماله إلى شخص آخر، وإنَّه قد فوَّض مسؤولياته التشغيلية، وقرَّر التركيز على استراتيجية العمل وخطة النمو فقط، وقد شدَّد أيضاً على استراتيجية سلامة الموظفين في شركته، مع التركيز على الصحة العقلية.

في الختام:

يمكن أن يصاب الأشخاص الطموحون والمتحمسون لما يفعلونه بالاحتراق الوظيفي، بالإضافة إلى ذلك لا يحدث الاحتراق الوظيفي لدى رواد الأعمال عندما لا تسير الأمور على ما يرام فحسب، بل يمكن أن يكون معظم مؤسسي الشركات الذين يديرون أعمالاً ناجحة عرضة للإصابة بهذا الأمر.

لكن، إذا نظرنا إلى الجانب المشرق، غالباً ما تعلمك تجربة الاحتراق الوظيفي درساً قيِّماً وتجبر الناس على تحويل أنماط حياتهم إلى أنماط أكثر توازناً وصحة، فإذا كنت تشعر بالاحتراق الوظيفي الآن، فاتبع هذه النصائح، فلديك فرصة بأنَّك ستخرج من هذا الأمر بصورة أقوى وأكثر هدوءاً ومع مجموعة جديدة من الأولويات.

المصدر


اكتشاف المزيد من موقع الربوح

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع الربوح

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading