معنى عجز أو صعوبة التعلُّم:
لا بدَّ من أنَّك قد صادفت مصطلح “صعوبة التعلُّم” من قبل؛ لذا علينا فهمُ معناها جيداً؛ فصعوبة التعلُّم هي عبارة عن حالة مَرَضية دماغية تُصعِّبُ على الإنسان فهمَ المعلومات المُعقَّدة ومُعالجتها وحفظها، ويمتلك الأشخاص الذين أُصيبوا بعجز التعلُّم قدرةً على التعلُّم والحفظ ومُعالَجة المعلومات على الرَّغم من حالتهم المَرَضية، وتختلف أساليبُهم وطرائقهم في ذلك؛ لذلك يمكننا توصيف هذه الحالة باختلافٍ في التعلُّم.
أكثر أنواع صعوبات التعلُّم شيوعاً:
1. عُسر القراءة:
صعوبة تعلُّم تؤثِّر في قدرة الإنسان على القراءة، ومهارات المُعالَجة اللغوية ذات الصلة.
2. عُسر الحساب:
تؤثِّر هذه الحالة في قدرة الشخص على فهم الأرقام، وحلِّ المسائل الرياضية.
3. عُسر الكتابة:
من صعوبات التعلم التي تؤثِّر في القدرات الكتابية لدى الإنسان، مثل: التهجئة، والكتابة بخط اليد، وترجمة الأفكار، ووضعها بصيغة مكتوبة على الورق.
4. اضطراب التعلُّم غير اللَّفظي:
وهو عبارة عن صعوبات تؤثِّر في قدرة الشخص على فهم تعبيرات وجه الآخرين، ولغة أجسادهم، وغيرها من الإشارات غير اللفظية، وتفسيرها.
5. اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط:
ويمكن لهذا الاضطراب أن يتضمن مشكلات في التركيز والانتباه، إضافة إلى فرط النشاط الجسدي وغيرها الكثير.
6. خلل الأداء التنموي:
وهو اضطراب يؤثِّر في القدرة على الحركة، وتنسيق الحركات الجسدية للشخص، وتناغمها معاً، ويمكنه أيضاً أن يؤثِّر في نُطق الكلام والحديث.
7. متلازمة “أسبرجر” (Asperger):
لا تمثِّل صعوبةَ تعلُّمٍ بالضرورة؛ وإنَّما شكلاً من أشكال اضطراب طيف التوحُّد، ويُعاني الأشخاص المُصابون بها من صعوبات في التواصل مع الآخرين، والتعاطُف معهم على الصعيد الاجتماعي كما يمكن لأنماط تفكيرهم وسلوكاتهم أن تكون جامدةً وصارمة ومُمِلَّة ومُتكرِّرة.
صعوبة التعلُّم والنجاح:
ينبغي لكَ ألا تهلع إن كنتَ ممَّن أُصيبوا بإحدى صعوبات التعلُّم؛ بل عليك تقبُّل اختلافك وتحويله إلى ميزة استراتيجية لك؛ فعلى سبيل المثال: اكتشف الباحثون وجود علاقةٍ تربُط بين اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، وَريادة الأعمال؛ إذ إنَّ الأشخاص المُصابون بهذا الاضطراب يتمتَّعون بميزات تساعدهم على تخطِّي العقبات، والتغلُّب عليها، والوصول إلى النجاح، ومن ضمنها – على سبيل المثال لا الحصر – المُجازَفة واتخاذ المخاطر، والمُثابَرة والإصرار، والتمتُّع بطاقات كبيرة، وتفضيل تعدد المهام، والمرونة وسرعة التكيُّف، والشغف؛ بمعنى شعورهم بالحماسة الشديدة، وغيرها الكثير.
5 روَّاد أعمال يُعانون صعوبات في التعلُّم:
1. “ريتشارد برانسون” (Richard Branson):
مؤسِّس مجموعة شركات “فيرجين” (Virgin Group) متعددة الجنسيات وعسر القراءة:
هو أحد أنجح المديرين التنفيذيين، والذي أُصيب بعُسر القراءة، وقد ظنَّ معلِّموه في المدرسة أنَّ سبب فشله في سنوات تعليمه كان الكسل والخمول، ولكنَّ الحقيقةَ هي أنَّ أيَّاً منهم لم يعرف بصعوبة التعلُّم التي كان يُعانيها “ريتشارد”؛ وبالنظر مرةً أخرى لتلك الأيام، يقول “ريتشارد” إنَّه قد تعلَّم من اختلافه هذا تفويضَ المهام التي لا يُجيد أداءَها وإسنادها لشخصٍ يتقنها إلَّا أنَّ ذلك قد ساعده أيضاً على التركيز أكثر على نجاح أعماله الشامل.
2. “ماكس آش” (Max Ash):
مؤسِّس شركة “ماكسيز كرييشنز” (Max’is Creations) الفريدة للمُنتَجات الاستهلاكية، وعسر القراءة:
كان “ماكس” تلميذاً متفرِّغاً للدراسة بصورة كاملة بعمر 13 عاماً حين أنشأ مشروعه الخاص والذي سمَّاه “ماكسيز كرييشنز” أو “إبداعات ماكس” (Max’is Creations)، فقد كان لديه حبٌّ وشغفٌ دائم للَّعِبِ بالطعام ليتحوَّل شغفُه هذا إلى شيءٍ إبداعيٍّ ومُبتَكَر عند اختراعه “للكوب مع السلة الدائرية” (The Mug with a Hoop)؛ وهو عبارة عن كوب قهوة مُميَّز تتعلَّق في أعلاه شبكة كرة سلة، وله عدَّة أشكال أو إصدارات من ضمنها كرة القدم الأمريكية وكرة القدم والهوكي.
إذ يمكن بواسطة هذا الكوب الاستثنائي رمي حبوب الإفطار الجافة وتسديدُها بالشبكة إلى داخل الكوب المملوء بالحليب، أو رمي المارشميلو داخل الشوكولاتة الساخنة، فالخيارات لا حصر لها، وقد بدأ “ماكس” ببيع اختراعاته على موقع “أمازون” (Amazon)، ولم ينسَ الشباب الآخرين الذين يعانون صعوبات في التعلم؛ فهو يتبرَّع بمقدار 5% من الأرباح التي يحصل عليها من كلٍّ من اختراعاته إلى الجمعيات الخيرية، والمُنظَّمات غير الربحية.
3. “برام كوهين” (Bram Cohen):
مؤسِّس شركة البرمجيات الرائدة “بيت تورينت إنك” (BitTorrent Inc)، ومتلازمة “أسبرجر”:
“برام” هو مؤسِّس شركة “بيت تورينت إنك” التي اخترعَت نظاماً لمشاركة الملفات بالإنترنت ما بين مستخدمي الإنترنت والمسمى بالنظير للنظير، والذي يسمح بتوزيع كميات كبيرة من البيانات بالإنترنت وانتشارها، لكن قلةً قليلةً من الناس يعلمون بإصابة رائد الأعمال الشهير هذا بمتلازمة “أسبرجر”؛ إذ يعاني “برام” من صعوبات في التعامل مع التقاليد والأعراف الاجتماعية، لكنَّ الطريقة الفريدة والمُميَّزة التي يعمل دماغُه بها قد ساعدته على حلِّ المشكلات التي تعترضُه من منظور مختلف تماماً؛ إذ يَثِقُ “برام” ثقةً عميقةً بأنَّ هذه الموهبة أو القدرة قد ساعدته في تطوير نفسِه ليصبح رائد أعمال أفضل.
4. “دايموند جون” (Daymond John):
وهو المؤسِّس والمدير التنفيذي لشركة “فوبو” (FUBU)، إضافة لكونه مُستثمِر في البرنامج التلفزيوني الواقعي الأمريكي “شارك تانك” (Shark Tank)، وعُسر القراءة:
اشتُهِرَ “دايموند” بوصفه واحداً من رجال الأعمال التنفيذيين الذين يتمتَّعون بالفطنة والدَّهاء، والذين يُطلَق عليهم لقب (القروش) في البرنامج التلفزيوني “شارك تانك”، لكنَّ القليل فقط يعرفون بأنَّه قد أطلق عملَه الخاص المتمثِّل بشركة تحظى بنفوذٍ وتأثير كبيرَين ويُدعَى “فوبو”.
لقد أنجز ذلك كلَّه على الرَّغم من صعوبة التعلم التي يعانيها، وتلقَّى عديداً من الجوائز الفخمة المرموقة بوصفها جائزة “إرنست ويونغ لأفضل رائد أعمال في العام في نيويورك” (Ernst & Young’s New York Entrepreneur of the Year)، وجائزة “كرين لأفضل شركة في نيويورك يبلغ عمر مديرها أقل من أربعين عاماً” (Crain’s Business of New York Under Forty Award).
لقد تفوَّق “دايموند” في سنواته الدراسية في الرياضيات، إلَّا أنَّه واجه عديداً من العراقل والصعوبات في تعلُّم اللُّغات، فقد كانت القراءة والتهجئة صعبةً على نحوٍ لا يُصدَّق بالنسبة إليه؛ وبالنظر للوراء الآن، يشجِّع “دايموند” الأشخاص الذين يعانون صعوبات في التعلم على التفوُّق بالأمور التي يبرعون فيها فقط، وعدم ترك نقطة الضعف الوحيدة لديهم تحدِّد مسارهم في الحياة.
5. “ديفيد نيليمان” (David Neeleman):
وهو مؤسِّس خطوط “جيت بلو” الجوية (JetBlue Airways)، واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط:
عانى “ديفيد نيليمان” مؤسِّسُ خطوط “جيت بلو” الجوية صعوبات كُبرى في التركيز في أثناء الامتحانات في المدرسة، وقد تمكَّن الأطباء بعد سنوات عديدة من تشخيص إصابته باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط؛ ورغم عدم قدرته على التركيز في المدرسة، إلَّا أنَّ شغفَه قد ساعده على إطلاق واحدٍ من أهم الخطوط الجوية الأمريكية، ويُدعَى “جيت بلو”، ولم يكتفِ بهذا القدر من النجاح فقط؛ بل ابتكر نظام قطع التذاكر الإلكتروني المتقدِّم والأول من نوعه، والذي تستخدمه حالياً عديداً من الخطوط الجوية الأخرى.
في الختام، الوصول إلى أحلامك ممكن دائماً:
بصرف النظر عن نوع صعوبة التعلُّم التي أُصبت بها، ما عليك إلا الإيمان بقدراتك والثقة بنفسك لتصل إلى أعلى المراتب وتلامس النجوم، فلا عقبات في طريق وصولنا إلى أحلامنا سوى تلك العقبة التي نتخيلها في أدمغتنا، وعلينا أن نتذكر أنَّ كلَّ شيءٍ ممكن، وما علينا سوى اكتشاف طريقة ما للقيام به.
اكتشاف المزيد من موقع الربوح
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.