ريادة الأعمال

لماذا تعد المبالغة في الوعود أسوأ خطأ يرتكبه رجل الأعمال؟


ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الخبير الاقتصادي جون مونارك (John Monarch)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته في إعطاء الوعود.

ومع ذلك، هذا بالضبط ما فعلته عندما أنشأت أول شركة لوجستية؛ إذ سبق لي أن رأيت أنَّ ضمانات التسليم كانت ذات نفع في الماضي؛ لذا وعدت عملائي بجدول زمني معيَّن بناءً على تلك التجربة.

بالطبع، لم يتم الأمر بالطريقة التي وعدت بها، ولم تُسلَّم البضاعة في الوقت الذي كان يتوقعه العملاء؛ حيث كانوا يتصلون بنا ويسألوننا عمَّا يجري، ويتساءلون عمَّا إذا كان هذا سيضر بمواعيد التسليم، ولقد كنَّا في حالة ذعر؛ حيث كنَّا نحاول معرفة ما يجري ونفعل كل ما في وسعنا لتصحيح الأمر.

لقد ارتكبت أسوأ خطأ يمكن لأيِّ رجل أعمال ارتكابه؛ إنَّه قطع وعود لم أتمكن من الوفاء بها.

إنَّه خطأ تقليدي لشركة جديدة؛ إذ إنَّك حين تبدأ العمل، تميل إلى أن تعد العملاء المحتملين بأيِّ شيء يريدونه من أجل العمل معهم، غير أنَّك حين تقطع تلك الوعود لمجرد الحصول على عميل، فسيعود ذلك بنتائج سلبية لاحقاً.

إليك الأسباب التي تؤكد على أنَّها ليست فكرة جيدة أبداً، أن نَعِد بأكثر ممَّا يمكن أن نقدمه:

1. إنَّ الإفراط في الوعود وعدم الإنجاز، يعني أنَّك ترفع آمال الناس وأنت لا يمكنك الوفاء بما تقوله:

المبالغة في الوعود غالباً ما تكون غريزية، فأنت تريد وحسب أن تجعل الناس سعيدين، ووعدهم بشيء عظيم هو طريقة سهلة للقيام بذلك.

في الواقع، يفضِّل الناس أن تكون صادقاً معهم، ثم تلبي أو تتجاوز التوقعات التي حددتها؛ لذا، فإنَّ الإفراط في الوعود يضر بمصداقية عملك، ويضر بإيراداتك، ويضر بسمعتك، ثم سيبدأ الناس التعرُّف إليك على أنَّك “ذلك الرجل” الذي سينجز، ولكن بأقل ممَّا وعد به.

أنت لا تريد أن تكون ذلك الرجل، وبدلاً من ذلك، تريد أن تكون الشخص الذي يُخفِّض التوقعات ولكن يُقدِّم ما هو أفضل من المتوقع.

من السهل معرفة سبب تقديم رجال الأعمال – في كثير من الأحيان – الوعود التي يعرفون أنَّها جيدة جداً لدرجة يصعب تصديقها؛ حيث إنَّهم يخشون أنَّه من خلال وضع توقعات منخفضة للغاية، سينتهز المنافسون هذه الفرصة لكسب العملاء من خلال تقديم عروض أفضل إليهم.

على الأمد الطويل، سيعود هؤلاء العملاء عندما يدركون أنَّ منافسيك لا يستطيعون الوفاء بما وعدوا به، ومع ذلك، لا يزال في إمكانك خسارة المبيعات، إذا كانت الفجوة بين ما تَعِد به، وما يَعِد به منافسوك كبيرة جداً، والطريقة الوحيدة لحل هذه المشكلة، هي أن تكون صادقاً من دون أن تقلل من قيمة نفسك؛ أي ألَّا يكون ما تقوله لهم مضللاً ويضع توقعات لن تلبيها.

عندما تكون صادقاً، فإنَّك تمنح نفسك فرصة لتجاوز التوقعات التي حددتها، وهذه هي الطريقة التي تضمن بها العملاء على الأمد الطويل، كونهم يثقون بقدرتك على الوفاء بوعودك باستمرار.

شاهد بالفديو: صفات مدهشة يتميّز بها رجال الأعمال الناجحين تعرّف عليها

 

2. يعتمد تحديد التوقعات الصحيحة على معرفة بياناتك:

إنَّ إخبار الناس بما يمكنك فعله بالضبط، يبدو بسيطاً جداً من الناحية النظرية، ولكن في الواقع، يعاني العديد من رجال الأعمال من تحديد التوقعات.

غالباً ما ترجع هذه الصعوبة إلى نقص المعرفة حول أعمالهم وأموالهم، ولتحديد التوقعات تحديداً صحيحاً، عليك أن تعرف بيانات عملك بدقة.

على سبيل المثال، يواجه العديد من رجال الأعمال صعوبة في فهم التكلفة عند البدء؛ حيث إنَّهم لا يعرفون بالضبط هوامش ربحهم؛ لذا فهم يخمنون الأرقام، ثم يضطرون بعد ذلك إلى العودة للعملاء وإخبارهم أنَّ السعر سيكون في الواقع أعلى مرتين أو ثلاث مرات عمَّا كان متوقعاً، وهي أسرع طريقة ممكنة لفقدان عميل حالي.

يحدث هذا طوال الوقت في صناعة المطاعم؛ لا يعرف المالكون الذين لا يعملون في المطبخ أو يساعدون في عملية طلب الطعام، مقدار الأموال التي ينفقونها أو الطعام الذي يضيعونه، ومع وجود هوامش ربح محددة للمطاعم، فإنَّ الافتقار إلى الرؤية الثاقبة لهذه التكاليف، يمكن أن ينتهي بسهولة إلى الفشل.

كرجل أعمال، عليك أن تعرف كل التكاليف المترتبة عليك، وعليك القيام بتحليل تكلفة العمالة لكل وحدة منتجة، ويجب أن تكون لديك رؤية واضحة عن أمورك المالية، ومن ثم يمكنك نقل هذه المعرفة إلى عملائك عندما يحين وقت تحديد التوقعات.

3. يعتمد تقديم الوعود الصادقة دائماً على فهم مجال العمل:

إن كان عليك المبالغة في الوعد، فهذا يعني عموماً أنَّك لست واثقاً بشركتك أو عرضك، وأنَّك تحاول إرضاء الناس بالكلمات، بدلاً من الخدمة.

تنبع الثقة من معرفة مُنتَجك بدقة؛ حيث إنَّها تأتي من معرفة موقعك وفهم كيفية عمل مجال عملك، فعلى سبيل المثال، قبل أن أُؤسس شركة “شيب شين” (ShipChain)، قضيت كثيراً من الوقت في القيام بكل الأعمال، من حزم الطرود في المستودع إلى حجز الشحن والشحنات الدولية، وتعلَّمت التعامل مع كل هذه العمليات، وتعرَّفت عن كثب إلى المشكلات الشائعة في صناعة الشحن.

يفهم عدد كبير جداً من رجال الأعمال منتجاتهم، ولكنَّهم لا يعرفون مجال العمل الفعلي الذي يحاولون بيع هذه المنتجات إليه، ويؤسسون الشركات معتقدين أنَّ المشكلات تكمن في مجال عملهم.

يؤدي الافتقار إلى الفهم إلى المبالغة في الوعود دائماً، ونصيحتي هي أن تتعلم كل شيء عن الصناعة التي تتعامل معها، واقض وقتاً في العمل مع الموظفين، وتعوَّد على العمليات اليومية، صدقني، هناك الكثير ممَّا يمكنك أن تجده في محرك البحث “غوغل” (Google).

إن كنت تعرف كيف تعمل الصناعة، فأنت تعرف ما المشكلات التي تحتاج إلى حلها، وإن كنت تفهم أيضاً تفاصيل عملك، فسيكون لديك كل ما تحتاج إليه لتحديد توقعات معقولة لعملائك، والوفاء بوعودك.

المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى