طريق النجاح

شخصيات قيادية ناجحة


إنَّها شخصيات قيادية ناجحة، استطاعت بذكائها الفطري والعاطفي إدراك كيفية تقديم نفسها بصورة طيبة، والتواصل الفعَّال مع الآخرين، وتحفيزهم، وإثارة مشاعرهم وتوجيهها لتصب في المصلحة المنشودة للجميع.

في هذا المقال سوف نتناول الحديث عن شخصيات قيادية ناجحة، صنعت تغييرات جذرية في العالم، وتركت بصمات واضحة في التاريخ، فاستحقت كل المجد والشهرة، وصارت مدارس ومصادر إلهام لكل طامح في أثر طيِّب يتركه.

شخصيات قيادية ناجحة:

فيما يأتي نماذج عن شخصيات قيادية ناجحة، تفوَّقت على نفسها في إنشاء قواعد جماهيرية عريضة، موجَّهة نحو غاية نبيلة وسامية، ومن هذه الشخصيات:

1. نيلسون مانديلا:

شخصية من أبرز الشخصيات القيادية الناجحة في القرن الواحد والعشرين، وواحد من أشهر رجالات عصره، إنَّه الإفريقي “نيسلون مانديلا” الذي قاوم العنصرية، ووضع حداً للتفرقة على أساس اللون، فحصد محبَّة شعبه وكل إنسان يسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.

وُلد “نيسلون مانديلا” في جنوب إفريقيا، في مدينة “ترانسكاي” عام 1918، ونشأ متأثراً في “المهاتما غاندي” وأفكاره المنددة بالعنف والجانحة نحو السلام، وكان طالباً مميزاً في المدارس الإرسالية التي ارتادها، وتابع بعدها الدراسة في كلية “فورت هاري” باختصاص الحقوق، ليفتتح بعد انتهائه مكتباً للمحاماة بالاشتراك مع صديقه.

بدأ نشاطه السياسي عام 1942، عندما انضمَّ إلى حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، والذي عارض فيه سياسة التمييز العنصري، ونشط ضمنه في حملة التحدي المضادة للعنصرية، ومن أبرز إنجازاته التي عكست شخصيته القيادية ترؤسه رابطة شباب المؤتمر الوطني الإفريقي (ANCYL)، بعد أن استطاع تغيير مسار المؤتمر، وتحويله إلى حركة ثورية جماهيرية غير عنيفة تتبع أساليب الإضراب والعصيان المدني لاستحصال حقوقها.

انتُخب بصفته أول رئيس إفريقي من أصحاب البشرة السوداء، وقد كانت هذه الانتخابات الرئاسية التي نجح فيها بنسبة 62% أول انتخابات يسمح بها لجميع الأعراق بالتصويت، فكانت ثمرة يانعة لعمله في المؤتمر الوطني الإفريقي، وقطاف شخصيته القيادية والتفاف الجماهير حوله.

أخذ الموت عام 2013 روح الحائز على جائزة نوبل للسلام، وأسدل الستار على حياة أشهر شخصيات قيادية ناجحة.

2. إرنستو تشي جيفارا:

من منَّا لم يضع صورة شخصية من شخصيات قيادية ناجحة على حائط غرفته؟ أنا فعلت ووضعت صورة “إرنستو تشي جيفارا” ليكون قدوة لي في نضاله، وفي كونه شخصية محبوبة استطاعت تلبية تطلعات مجتمعه.

ولد “جيفارا” في الأرجنيتن سنة 1928، وبدأ دراسة الطب، ثمَّ كان لرحلة في أمريكا الجنوبية قام بها برفقة صديقه أثر عميق في نفسه، فعاد ليتابع دراسته بشغف، ووضع نصب عينيه تقديم الرعاية الطبية للمحتاجين، لكنَّه فيما بعد وجد أنَّ الثورة على الظلم طلباً للعدالة أكثر جدوى من الطب، فتمرَّس في حروب العصابات، واشتهر بعمليات الإعدام للخونة والمخبرين.

كان الوفاء لحرية البلاد أكثر قيمه أهمية؛ لذا نجد في مسيرة حياته تنقلات عديدة للإسهام في إسقاط الأنظمة الظالمة، كما حدث في “غواتيمالا” عندما شهد إسقاط حكومتها اليسارية، وكما حدث في “كوبا” حين ساند “فيديل كاسترو”، ومن اللافت للنظر حجم القاعدة الشعبية التي أحاطت بـ “جيفارا”.

وصفه بعضهم قديساً بعد إعدامه عام 1967، ومن أشهر أقواله عبارة تعكس إبداعه بصفته كاتباً، إضافة إلى شخصيته القيادية الناجحة، وقد وجهَّها لطلاب الجامعات قائلاً: “كونوا على اتصال مع الناس، ليس “لمساعدتهم” بالمعرفة أو بأي شيء – مثل سيدة أرستقراطية تعطي عملة نقدية إلى متسول – لكن ليصبحوا مساهمين في القوى الثورية التي تحكم كوبا اليوم، ليكونوا جزءاً من الثورة، وفي الوقت نفسه، ليحصلوا على الخبرة التي قد تكون أكثر أهمية من جميع الأشياء المثيرة للاهتمام التي تتعلَّمها في هذه المناهج”.

3. المهاتما غاندي:

المهاتما غاندي

واحدة من أشهر الشخصيات القيادية الناجحة في العالم، شخصية “المهاتما غاندي”، رجل السلام الذي دعا الهندوس إلى احترام حقوق المسلمين، وقاوم الاحتلال البريطاني للهند بسلمية عظيمة، واشتهر بكونه من داعمي ثقافة اللاعنف وسياسة المواقف السلمية.

اسمه الحقيقي “وهندس كرمشاند غاندي”، أمَّا لقبه “مهاتما”؛ ويعني صاحب النفس العظيمة أو القديس، ولد عام 1869 في مقاطعة غوجارات بالهند لأسرة محافظة لها ماضٍ عريق في العمل السياسي، ودرس القانون في بريطانيا، وعاد بشهادة تؤهله لمزاولة مهنة المحاماة، وأسَّس مصطلح “المقاومة السلمية” في علم السياسة المبني على الشجاعة والحقيقة واللاعنف، ثمَّ العنف في حال لم يبق أي خيار آخر، والذي يتكوَّن من العصيان والإضراب والامتناع عن الطعام بشرط أن يكون في العدو بقية من ضمير.

لقد سافر إلى جنوب إفريقيا وبقي 22 عاماً، ثمَّ عاد إلى الهند ليصبح القائد الأكثر شعبية بفضل اهتمامه بالنضال الاجتماعي ضد الظلم، والنضال السياسي ضد الاحتلال، وهذا ما أكسبه محبة فئة واسعة من الشعب، كونه كان يضرب بسيف العمال الفلاحين والمنبوذين الذين أسماهم “أبناء الإله”.

إنَّ ما جعله علماً بين الشخصيات القيادية الناجحة التزامه بمبادئه، فقد بدأ صياماً حتى الموت عام 1932 احتجاجاً على قانون يكرِّس التمييز الطبقي بين الهنود، فنتج عن إضرابه اتفاقية “بونا” التي ألغت نظام التمييز الانتخابي.

في عام 1922 استخدم “غاندي” شخصيته القيادية الناجحة في قيادة حالة عصيان مدني وصلت حدَّ الاشتباك مع القوات البريطانية، ثمَّ عزف عن العمل السياسي، وتفرَّغ للمشكلات الاقتصادية التي رزح تحتها الريف الهندي، ممَّا زاد رصيده من المحبة في قلوب المستضعفين.

كان غاندي شخصية قيادية ناجحة بالتأثير في قلوب محبيه، وهذا ما أثار حفيظة الهندوس المتعصِّبين حين سعى إلى إعادة توحيد الهند بين المسلمين والهندوس، فأطلق واحد منهم عليه الرصاص وأرداه شهيد العدالة عام 1948.

4. مارتن لوثر كينغ:

مارتن لوثر كينغ

لا بدَّ أن نتطرَّق في حديثنا عن شخصيات قيادية ناجحة، إلى القائد العظيم “مارتن لوثر كينغ” الأمريكي الذي قاد حملة ضد التمييز العنصري بحق الزنوج في الولايات المتحدة الأمريكية، واستحقت أعماله النبيلة خلال مسيرة حياته جائزة نوبل للسلام.

ولد “مارتن لوثر كينغ” عام 1929 في الولايات المتحدة الأمريكية، ولاية تينيسي، وتدرَّج في تعليمه في المدارس المخصَّصة للسود حتى حصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة “بوسطن”، وبدأ مشواره السياسي عندما شجَّع الزنوج على مقاطعة شركات النقل التي تمارس تمييزاً عنصرياً بحقهم، متميزاً بخط اللاعنف في نهجه للدفاع عن حقوق السود ضد التمييز والاضطهاد.

دخل السجن مرات عديدة خلال حياته، لكنَّ ذلك لم يُثنه عن عزمه في مواصلة الثورة حتى نيل المساواة، وكان خطه سلمياً إلى درجة أنَّه طلب من مناصريه عدم إبداء أي رد فعل تجاه محاولة اغتياله بقنبلة في أثناء إلقاء خطابه في مونتغمري.

كان كينغ صاحب شخصية قيادية ناجحة ومؤثرة، استطاعت عام 1962 تزعُّم سلسلة من المظاهرات والاعتصامات والمسيرات الجماعية، ولم تنته هذه المظاهرات بدخوله السجن حينها.

حصل على جائزة نوبل للسلام وعمره 35 عاماً، وكان أصغر من حصلوا عليها سناً، كما نال ألقاب وتكريمات عديدة قبل وبعد وفاته التي كانت اغتيالاً على يد أحد البيض المتعصبين عام 1968.

5. الأم تيريزا:

الأم تيريزا

سنختم مقالنا عن شخصيات قيادية ناجحة بشخصية قيادية نسائية، وهي شخصية “الأم تيريزا”، الراهبة التي أفنت حياتها في تقديم المساعدة للمحتاجين في أنحاء العالم، والتي تركت بأعمالها انطباعاً طيباً لدى الجمهور، فأصبحت مثالاً يحتذى في العطاء وحب الخير.

ولدت “جنيس جونكسا بوجاكسيو” في مقدونيا عام 1910، توفي والدها حين كانت بعمر الثماني سنوات، فتعلَّقت بوالدتها تعلقاً كبيراً، وتلقَّت منها قيم الخير والعطاء ومساعدة المحتاجين، فهي كانت دائماً ما تقول لها: “صغيرتي، لا تتناولي لقمة من الطعام أبداً إلَّا إذا شاركتِها مع الآخرين”.

كانت تضحيات “الأم تيريزا” وعطاؤها ما يميِّز شخصيتها، فمع أنَّها لم تقد الثورات والمظاهرات، فإنَّها كانت شخصية قيادية ناجحة، تكرِّس حب العطاء في نفوس الناس عبر ممارساتها الطيبة، ويروى عنها أنَّها تبرعت بما تبقى من الطعام في إحدى رحلاتها للفقراء، وأنَّها رفضت المأدبة التقليدية لشرف نوبل، وطلبت مبلغ 192 ألف دولار بدلاً عنها لتطعم به الفقراء في الهند.

ممَّا زاد من شعبية القديسة تيريزا تواضعها وتجسيدها للعطاء الذي تدعو إليه، فكان ثمن زيها دولاراً واحداً فقط، وخلال مسيرة حياتها أسَّست جمعية “الإرساليات الخيرية”، ومع زيادة التبرعات بنت دار أيتام، ودار حضانة، ومستعمرة للجذام، وعيادة عائلية، وسلسلة من العيادات المتنقلة.

ممَّا يدل على نجاح شخصيتها القيادية نيلها جائزة نوبل للسلام وعديداً من التكريمات، والأهم من كل ذلك أنَّه كان عند وفاتها 610 بعثة في 123 بلد من قبل مبشريها للجمعيات الخيرية، وهذا يدلُّ على كونها من أهم الشخصيات القيادية الناجحة التي عرفها التاريخ في مجال إنقاذ الإنسانية المعذَّبة.

في الختام:

كانت هذه مجموعة شخصيات قيادية ناجحة اخترناها لكم، اتَّسمت جميعها بتقديم قيمة مضافة للعالم، من عدالة، وحرية، وتضحية، وسلام، وترك أثر طيب ما تزال الأجيال تتناقله جيلاً تلو الآخر، وبالتأكيد فإنَّ الفضل في ذلك يعود إلى الأعمال العظيمة التي قاموا بها، والتي كانت وليدة أفكارهم الحرة الواعية، والتي لم تكن لتنال ما نالته من الانتشار والضوء لولا شخصياتهم القيادية الناجحة التي استطاعت التأثير في المحيط، وتأليفه حولها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى