لذلك، مدربو التنمية البشرية يدعوننا دائماً لقراءة السير الذاتية وقصص الناجحين، حتى إنَّها أصبحت جزءاً من خطط تطوير الذات؛ وذلك لأنَّ التعرف إلى الفترات الصعبة التي عاشوا بها والتجارب التي خاضوها وتمكَّنوا من تجاوزها، تترك لدينا حافزاً قوياً لمواجهة ظروفنا السيئة، وتمنعنا من الرضوخ للواقع والاستسلام.

عادةً عندما نسمع عن شخص ناجح، نعتقد أنَّ ما وصل إليه صعب المنال، لكن عندما نقرأ سيرته الذاتية نتفاجأ بأنَّ اعتقادنا خاطئ، كما أنَّنا نكتسب بعض الخبرة، فكثير من الشخصيات الناجحة تقوم بتقديم كثير من النصائح الواضحة في أثناء سرد قصصهم، ومنهم من يقدِّم النصائح على شكل رسائل مبطَّنة، وفي جميع الأحوال يجب القراءة بتركيز لتحقيق أكبر استفادة، ولرؤية الجوانب الإيجابية، ولاستثمار نقاط القوة بأفضل شكل.

سنتحدث اليوم عن شخصية ناجحة في عالم الأعمال تمتلك قصة يجب علينا جميعاً قراءة السيرة الذاتية لهذه الشخصية، وهذه الشخصية هي “إحسان أبو غزالة”، فمن هو؟ وما هي إنجازاته؟ وماذا درس؟ اقرأ الآن لتعرف الإجابات عن تلك الأسئلة وخذ العبرة من قصته.

شركة “البيك”:

قبل التعرف إلى سيرة “إحسان أبو غزالة”، سنتحدث عن شركة “البيك” للصناعات الغذائية؛ وهي شركة خاصة أُسَّسَت في منتصف السبعينيات وتحديداً في عام 1974م في مدينة “جدة” في المملكة العربية السعودية التي لاقت وجباتها التي تتضمن الدجاج المقلي، والمأكولات البحرية المتنوعة، إضافة إلى البطاطس رواجاً كبيراً، فأقبل الجميع على تناول وجبات مطاعم “البيك”.

نتج ذلك عن الطعم المميز للوجبات الذي يعطيها طابعاً مختلفاً عن جميع المطاعم الأخرى؛ وذلك لاستخدام مطاعم “البيك” خلطة خاصة بهم من التوابل والبهارات، وساهم في زيادة الإقبال عليها الأسعار المقبولة التي تناسب الجميع، فاعتدنا على دفع مبالغ كبيرة مقابل خدمة ممتازة وكفاءة عالية.

تقدِّم مطاعم “البيك” الخدمات الممتازة ولا ترفع الأسعار؛ بل تستمر بمراعاة ظروف الجميع، ونتيجة الكفاءة العالية انتشرت مطاعم “البيك” انتشاراً كبيراً، فوصلت إلى كثير من أحياء “جدة”، ثم وصلت إلى “المدينة المنورة”، و”مكة”، و”الليث”، و”القنفذة”، و”الطائف”، و”القصيم”، و”حائل”، و”الرياض”، و”الخرج”، و”جازان”، و”الباحة”.

وصل عدد فروع مطاعم “البيك” في المملكة إلى 120 فرعاً موزعين في مختلف مناطق السعودية، إضافة إلى وجود أفرع خارج المملكة العربية السعودية، اثنان منهما في مملكة البحرين وفرع في الإمارات العربية المتحدة، والمؤسس لها هو “شكور أبو غزالة”.

من هو “شكور أبو غزالة”؟

“شكور” فلسطيني الأصل، وقد وُلد في عام 1928م، ولكنَّه يحمل جنسية المملكة العربية السعودية، فرأى أنَّ الخليج العربي عامة والسعودية خاصة فقيرة جداً بالمطاعم، فقرر فتح مطعم صغير مخصص لتقديم الوجبات السريعة.

لأنَّه أراد استيراد علامة تجارية عالمية قام باستثمار كافة مدخراته المالية بعد تعب وجهد لجمعها ليوقع اتفاقية مع شركة “بروست” الفرنسية ليتمكن من استخدام خلطات خاصة بها من البهارات، وفي الوقت الذي كانت به “جدة” تتوسع نحو الشمال كان “شكور” قد وجد مكان أول مطاعمه في بناية الدخيل الجديدة عند تقاطع شارع فلسطين مع طريق المدينة المنورة، ليكون ذلك المكان بداية القصة التي نصل بها إلى سيرة “إحسان أبو غزالة” المميزة.

من هو “إحسان أبو غزالة”؟

“إحسان أبو غزالة” هو ابن “شكور أبو غزالة” المؤسس الأساسي لمطاعم “البيك” في “جدة”، وهو رجل أعمال مشهور لكونه رئيس مجلس الإدارة في شركة “البيك للأنظمة الغذائية” في المملكة العربية السعودية.

أصل “إحسان أبو غزالة”:

“إحسان أبو غزالة” سعودي الجنسية فلسطيني الأصل ويقيم في السعودية.

شاهد بالفديو: مفاتيح النجاح الأربعة

 

مسيرة حياة “إحسان أبو غزالة”:

استمر “شكور أبو غزالة” في حلمه على الرغم من سوء الإمدادات الكهربائية التي لم تصل إلى مطعمه الأول حينها، فقام بتحويل مستودع قديم استأجره في حي الشرقية إلى أول مطعم “بروست” في السعودية، وكان حينها “شكور” من يطبخ بنفسه ويقدِّم الوجبات للزبائن الذين لم يتجاوز عددهم 100 زائر في السنة.

عندما ازدادت شهرة المطعم وبدأ العمل يتوسع توفي “شكور” بعد معاناة مع مرض السرطان، وعلى الرغم من الديون المتراكمة وإلغاء وكالة “بروست” لم يمت حلم “شكور” مع موته.

هنا المنعطف الخطير في حياة “إحسان أبو غزالة”؛ وهو الولد الأكبر لـ “شكور أبو غزالة” الذي قرر استكمال مسيرة والده بعد تخرجه، فترك مجال عمله البعيد عن الطعام ووقف بوجه ضياع العمل الناتج عن إلغاء الوكالة والفوضى والخسائر، فقام بتصفية مختلف الأعمال وترك المطاعم فقط على الرغم من بعدها عن تخصصه، وبعد تخرج أخوه الأصغر “رامي” من جامعته قرر مساعدته باستكمال المشوار.

في ذلك الوقت، جاءت رسالة موجهة من البنك إلى “إحسان أبو غزالة” تخبره بمديونيتهم للبنك، وقدَّم لهم البنك حينها خيارين؛ إما أن يتم الحجز على مختلف ممتلكاتهم الشخصية أو تسديد الديون على دفعات.

يقول “إحسان أبو غزالة” عن هذا الموضوع: “مع انتقال والدنا إلى رحمة الله بشكل مفاجئ كان علينا البدء من جديد لأنَّنا قد فقدنا حقوق الوكالة الحصرية، فاضطررنا لبيع الأصول وتسديد الديون وتقليل النفقات وتوجيه الأعمال.

في الوقت الذي توليت فيه الإدارة، كان يوجد أكثر من 400 مطعم في “جدة” يقدِّمون دجاج “البروست”، لذلك كان علينا إيجاد شيء يميزنا عن منافسينا، وأدركنا أنَّه يجب علينا التركيز على الجودة والقيمة”.

هذا ما جعلهم يعملون في مكاتب صغيرة جداً، حتى إنَّهم ألغوا الشاي والقهوة في مكاتبهم، وأولى خطواتهم كانت اختيار الاسم المميز الذي يُعَدُّ مصطلحاً عثمانياً، وقام “إحسان” وزوجته “ليلى” بتصميم الشعار الجديد، وقام حينها “رامي” و”إحسان” بمختلف الأعمال من تنظيف المكان لإعداد الوجبات وتقديمها للزبائن.

سافر “إحسان أبو غزالة” إلى فرنسا وتحديداً إلى “باريس” بهدف دراسة تخصص “علم تكنولوجيا الغذاء” ليتعلم أساسيات العمل والقواعد الخاصة برفع الجودة والكفاءة، وعاد بعدها إلى السعودية ليقوم بتطوير الوصفة السرية للبهارات والتوابل التي تتكون من 18 عنصراً.

استمر التجهيز للوصفة الجديدة مدة لا تقل عن ثلاث سنوات في مكان مجهول وخاص بهم، ومن ثمَّ تم نقل الوصفة إلى المطبخ المركزي ليستكملا عملهما بجهد، فأصبح “البيك” رمزاً للطعام النظيف ذي الجودة العالية، كما تميزا بالسرعة العالية في إعداد الوجبات ليحققا عبر مرور السنوات نجاحاً باهراً بفضل “رامي وإحسان أبو غزالة”.

مواليد “إحسان أبو غزالة”:

لا توجد معلومات تشير إلى مواليد “إحسان أبو غزالة”، لكن من المتوقع أنَّ عمره لا يقل عن 70عاماً.

دراسة “إحسان أبو غزالة”:

درس “إحسان أبو غزالة” في جامعة البترول والمعادن في المملكة العربية السعودية، وتخرج منها في 1976م، ثم سافر إلى “باريس” لدراسة علم تكنولوجيا الغذاء، وتخرج منها في 1982.

شخصية “إحسان أبو غزالة” وعوامل النجاح:

يقول “إحسان أبو غزالة” في أحد تصريحاته: “لقد تعلَّمنا كل شيء من والدنا، وكان إصراره ومثابرته على العمل الشاق مصدر إلهام لنا ودافعاً أساسياً لنجاحنا، فقد كان محبوباً من الجميع ويتمتع بروح الدعابة والتواضع، ولقد كان رجلاً عظيماً بالفعل”.

بناءً على ما قاله “إحسان أبو غزالة”، نستنتج أنَّه شخصية مثابرة لا تنتظر الظروف لتتحسن؛ بل إنَّه شخص محارب عمل واجتهد وقرر استكمال طريق والده وتحقيق حلمه على الرغم من معاكسة الظروف المادية له.

من أهم عوامل نجاحه بحسب اعتقاده ما يأتي:

1. الناس:

سواء العاملون لديه ومعه والزبائن فقد تم مراعاة الفوائد التي يجنيها الزبون والعامل من كل قرار جديد تم اتخاذه على مر السنوات.

2. الجودة:

فالأولوية لديه هي جودة الخدمات المقدَّمة.

3. الربح طويل الأمد:

ابتعد ابتعاداً كبيراً عن الربح قصير الأمد المعتمد على زيادة الأسعار، وحاول تحقيق الربح طويل الأمد المعتمد على انخفاض الأسعار والمحافظة على الزبائن بشكل دائم.

4. التفاعل مع المجتمع:

شاركت مطاعم “البيك” في مختلف الفعاليات لقناعتهم بأنَّ الفرد بحاجة إلى المجتمع لينجح، ولا يمكن الانفصال عنه أو الأخذ منه دون مقابل.

شاهد بالفديو: الاخفاق سرّ النجاح… كيف تحول فشلك إلى نجاح؟

 

إنجازات “إحسان أبو غزالة”:

أهم إنجازات “إحسان أبو غزالة” دراسته لعلم تكنولوجيا الأغذية وقيامه بإعداد وصفة سرية تميِّز مطاعم “البيك” عن مختلف مطاعم “البروست” في السعودية وخارجها.

بحسب تقرير يعود لقناة “سي إن إن” الأمريكية يؤكد أنَّ مطعم “البيك” يحتل المرتبة السادسة ضمن أفضل 8 مطاعم تقع خارج الولايات المتحدة الأمريكية، ويمكن ملاحظة ذلك من الإقبال الكبير على مطاعم “البيك” داخل وخارج المملكة العربية السعودية.

في الختام:

تدفعنا قراءة قصص الناجحين نحو أحلامنا بقوة، فعندما نعلم الصعوبات التي واجهت “إحسان أبو غزالة” بعد وفاة والده وما توصل إليه، ندرك أنَّ الجهد والمثابرة هما أساس النجاح لا الأموال ولا الحظ.

لقد ترك “إحسان أبو غزالة” العمل ضمن تخصصه بعد تخرجه من تخصص المعادن والبترول، واتجه لإنقاذ المطعم الذي أسسه والده، وقد كانت الديون حينها كثيرة وأصبح عدد المنافسين كبيراً، فقرر دراسة تكنولوجيا الغذاء في “باريس” وعاد ليجهز وصفة خاصة استمر العمل عليها لسنوات بمساعدة أخيه “رامي”.

لقد عملا كثيراً للوصول إلى النكهة المميزة والجودة العالية التي ساهمت في إقبال كثير من الناس على مطاعم “البيك”؛ ونتيجة لذلك زاد عدد الفروع عبر السنوات، وانتشرت مطاعم “البيك” في كل مكان في السعودية، وتم افتتاح فروع لهم في البحرين والإمارات أيضاً، وما زال نجاح “البيك” وتميُّزه مستمراً حتى الآن.


اكتشاف المزيد من موقع الربوح

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع الربوح

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading