الولادة والنشأة والتحصيل العلمي لرينيه لينيك:
وُلد رينيه لينيك في باريس العاصمة الفرنسية، وذلك بتاريخ 17 فبراير من عام 1781 ميلادي. وعندما كان في الخامسة من العمر، توفيت والدته إثر إصابتها بمرض السل الرئوي، ولم يستطع والده العناية والاهتمام به؛ وذلك لأنَّه كان ضابطاً في الجيش الفرنسي في ذلك الوقت؛ لذا تكفَّل عمه الطبيب أمر رعايته والاهتمام به.
كان لينيك مصاباً بمرض الربو منذ طفولته، وغالباً ما كان يُعاني من نوباتٍ شديدة رافقته طوال حياته. وكان حلم رينيه أن يصبح طبيباً، لتأثره بعمه الذي رعاه، وبسبب وفاة والدته بمرض السل الذي عجز الأطباء في ذلك الوقت عن إيجاد دواءٍ نافعٍ له.
تخرج رينيه في كلية الطب في عام 1804 ميلادي، وكان متقناً فن الفحص السمعي لتجويف الصدر، واشتهرت دراساته وأبحاثه حول أمراض الدرنة، وانقطاع الطمث، والتهابات الصفاق، وغدد البروستات. واصل رينيه أبحاثه بعد التخرج كعضو هيئة تدريس في جمعية كلية الطب في باريس، وكتب مقالات عدة عن التشريح المرضي، وعُيِّن في عام 1816 ميلادي في مستشفى نيكر في باريس.
ما هي قصة اختراع السماعة الطبية؟
تضاربت الروايات حول القصة الحقيقية لاختراع السماعة الطبية، ومن هذه الروايات نذكر لكم:
1. الرواية الأولى:
في أحد الأيام، وبينما كان رينيه يتجول قرب قصر اللوفر في باريس، لفتت انتباهه لعبة كان يلعبها طفلان، وكانت هذه اللعبة مكونة من دبوس وعارضة خشبية؛ حيثُ قام أحدهما بثقب إحدى عارضتي قطعة الخشب، بينما قام الطفل الثاني باستغلال خواص الخشب في نقل وتضخيم الصوت، من أجل سماع ضربات الدبوس وعدها.
وبعد فترةٍ من الزمن، أراد الطبيب معاينة امرأة شابة تعاني من مرضٍ ما، ولم يتمكن من تشخيص المرض بشكلٍ جيد؛ حيثُ كان يجب عليه سماع دقات القلب وحركة النفس، وكانت الطريقة البدائية آنذاك تعتمد على وضع الأذن على الصدر العاري لسماع دقات القلب بشكلٍ جيد؛ الأمر الذي أصاب لينيك بالحرج والخجل وعَدَّه اعتداءً على خصوصيتها.
عندها تذكَّر لينيك لعبة الطفلين، وقام بلفِّ ورقةٍ بشكلٍ أسطواني ووضع إحدى جهتيها على أذنه، والجهة الأخرى على صدر المريضة، وبالفعل تمكن من سماع ضربات قلبها وحركة نفسها بشكلٍ واضح.
2. الرواية الثانية:
بينما كان رينيه يتجول في إحدى الحدائق، استلقى على جذع شجرة، فلفت انتباهه أنَّه تمكن من سماع صوت نقر طائر على الطرف الآخر من الشجرة؛ ممَّا أكد له دور الخشب في نقل الأصوات. وهذا ما أوحى إليه بإمكان صنع سماعة طبية لقياس عدد ضربات القلب، وبالفعل صنع سماعة طبية من الخشب.
3. الرواية الثالثة:
وهي ما قاله الطبيب رينيه لينيك في إحدى المجلات الشهيرة التي نُشرت في مطلع القرن التاسع عشر: “في أثناء خجلي من الكشف عن حالةٍ لامرأة كانت مريضةً بالقلب، خطرت في بالي فكرة؛ حيث استخدمت معرفتي بعلم الصوتيات، وأنَّ الصوت ينتقل خلال الأجسام الصلبة، فقمت بطي ورقة على شكل أسطوانة، ثم قمت بوضع طرفٍ لها على قلب المريضة، والطرف الآخر على أذني، وكانت النتيجة المبهرة؛ لقد تمكنت من سماع دقات قلب المريضة بشكلٍ واضح؛ الأمر الذي ساعدني على التخلص من مشكلة وضع أذني على صدر المريضة”.
وفي عام 1819 ميلادي، قدَّم رينيه اختراعه إلى الجهات المختصة، ولكنها للأسف لم تنتبه لهذا الاختراع إلا بعد مرور سنواتٍ طويلة، وتحديداً في عام 1885 ميلادي؛ أي مع نهاية القرن التاسع عشر. كما أنَّه لم يُنشر بحثه في أيِّ مجلة إلا بعد مرور سنتين، أي في عام 1821 ميلادي.
وفاة الطبيب رينيه لينيك وحقائق أخرى في حياته:
كان رينيه مسيحياً كاثوليكياً متديناً جداً، كما أنَّه كرس حياته للكاثوليكية الرومانية؛ الأمر الذي أدى إلى تعيينه طبيباً شخصياً للسفير الفرنسي في الفاتيكان “جوزيف كاردينا فيش” وهو الأخ غير الشقيق لنابليون.
كان رينيه عطوفاً محباً للفقراء ومساعداً لهم.
توفي الطبيب رينيه لينيك في عام 1826 ميلادي وهو في عمر الـ 45 عاماً، بعدما أصابه الهزال وضيق التنفس إثر مرضه بالسل الرئوي.
وبذلك نكون قد قدمنا إليكم قصة نجاح الطبيب رينيه لينيك مخترع السماعة الطبية.
المصادر: 1، 2، 3
اكتشاف المزيد من موقع الربوح
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.