طريق النجاح

السير الذاتية لكتَّاب أهم الكتب في التنمية البشرية وأهم أعمالهم


لقد بلغوا منازل من العطاء مكَّنتهم من تقديم عصارة تجاربهم وزبدة خبراتهم لكل من حمل أمتعته واختار السير في طريق معرفة نفسه، فصاغوا دروس الحياة على شكل حروف سطَّروها في كتب تساوي أضعاف وزنها ذهباً؛ إنَّهم كتَّاب التنمية البشرية الذين كانوا مرشدين لنا في مسيراتنا الشخصية وأصحاب فضل في إدراكنا لذواتنا واكتشاف نقاط قوَّتنا؛ لذا فإنَّنا نفرد هذا المقال للتطرق إلى السير الذاتية لكتَّاب أهم الكتب في التنمية البشرية وأهم أعمالهم.

الكاتب إبراهيم الفقي:

لا يمكن أن نتحدث عن أهم كتَّاب التنمية البشرية دون أن يتبادر اسم الكاتب “إبراهيم الفقي” إلى أذهاننا، وهو ابن مدينة الإسكندرية المصرية الذي وُلد عام 1950 ووُلد معه شغفه بالرياضة وتحديداً رياضة التنس التي استطاع أن يحقق بطولات محلية عديدة فيها، وكما قام بتمثيل بلاده في منافساتها الدولية.

مر “إبراهيم الفقي” في مراحل حياتية صعبة ساهمت في إنضاج خبراته وتكوين وعيه، فهو قد شغل مهام وظيفية عديدة منها إدارة قسم في فندق في الإسكندرية، ومنظف أطباق في كندا، وحمَّال طاولات وكراسٍ في فندق من أجل تأمين تكاليف دراسة تخصص الإدارة.

لقد تمسَّك “الفقي” بطموحه الذي كان زاده في رحلته الشاقة حتى أصبح مديراً لأكبر فنادق أمريكا الشمالية وكندا، وقد نال شهادة الدكتوراه في علم التنمية البشرية واستطاع بنبوغه إيجاد علمين جديدين هما: علم ديناميكية التكيف العصبي، وعلم الطاقة البشرية، وتدرب على يديه في محاضراته التدريبية ودوراته ما يزيد عن 700 ألف طالباً من مختلف أنحاء العالم.

أسس المركز الكندي للتنمية البشرية والمركز الكندي للتنويم بالإيحاء، وترك لنا قبل أن يودع عالمنا عام 2012 الكثير من الأعمال التي تستحق أن تُخَطَّ بماء الذهب، وكان أشهر أعمال “إبراهيم الفقي” من كتب التنمية البشرية كتاب “الطريق إلى النجاح”، و”كيف تتحكم في شعورك وأحاسيسك”، و”قوة الحب والتسامح”، و”المفاتيح العشرة للنجاح”، و”قوة الثقة بالنفس” وغيرها من المؤلفات، إضافة إلى أسطوانات رقمية مثل “قوة الحماسة”، و”استراتيجيات التواصل الفعال”.

الكاتب ستيفن آر كوفي:

من أهم كتَّاب كتب التنمية البشرية الذي ذاع صيته واتسعت شعبيته بفضل كتبه الهامة، فالكاتب مولود عام 1932 وهو والد لتسعة أبناء وجد لاثنين وخمسين حفيداً، وهو متوفٍّ منذ عام 2012 بعد أن أتم 78 عاماً، والسيرة الذاتية لـ “كوفي” مليئة بالإنجازات، فقد كان أستاذاً في جامعة “بريغهام” ومتحدثاً تحفيزياً، كما أنَّه عمل مبشراً.

على صعيد تحصيله العلمي فقد حصل على إجازة في إدارة الأعمال وحصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة “هارفارد”، كما حصَّل شهادة دكتوراه في التربية الدينية، أما مساره المهني فقد مر بمحطات عدة، فقد تعيَّن مساعداً لرئيس جامعة “بريغهام يونغ”، وأسس عام 1984 شركة تدريب “ستيفن آر كوفي” التي أصبح اسمها “مركز كوفي للقيادة” عام 1987.

في رصيد الكاتب “ستيفن كوفي” العديد من كتب التنمية البشرية، ولعلَّ أشهرها كتاب “العادات السبع للناس الأكثر فاعلية” الذي نال شهرة عظيمة وتُرجم إلى 38 لغة، ومن مؤلفاته أيضاً كتاب “العادة الثامنة” وكتاب “القيادة المتمحورة حول المبدأ” وكتاب “أطفالنا وأزمة التعليم” إضافة إلى كتاب “الأشياء الهامة أولاً” وكتاب “القائد في داخلي، كيف تلهم المدارس والآباء حول العالم العظمة، طفل واحد في كل مرة”.

الكاتب ديل كارنيجي:

الكاتب ديل كارنيجي

من الكتَّاب الذين أصدروا أهم كتب التنمية البشرية، وهو كاتب أمريكي مولود عام 1888 لأبوين فقيرين، فقد اشتُهر منذ طفولته بكونه متحدثاً بارعاً، وكانت هذه نقطة قوَّته التي رافقته طيلة حياته، كما صقل قدراته الخطابية منذ الثانوية وتخرج من كلية المعلمين الحكومية المحلية، ولكنَّه لم يخض سلك التعليم بوصفه مهنة؛ بل عمل بائعاً ثم ممثلاً إلى أن نجح في تحصيل وظيفة أحلامه وعمل مدرساً للخطابة في جمعية شريطة أن يعطي المدير 80% من إجمالي العائدات.

لقد ذاع صيته منذ ذلك الحين، وراح يلقي محاضراته في البيوت المكتظة بالمستمعين المتأثرين، وجمع محاضراته ودروسه في كتيبات ثم دمجها في كتاب أسماه “دورة عملية لرجال الأعمال” عام 1926، وبعد عامين من التدريس في جمعية الشبان المسيحيين ومع تزايد أعداد الطلاب انتقل مبدع التنمية البشرية إلى “معهد ديل كارنيجي”.

من أشهر مؤلفاته هي كتب التنمية البشرية التي تحمل العناوين الآتية “دع القلق وابدأ الحياة”، و”كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس”، و”لينكولن المجهول”، و”قصاصات كارنيجي”، و”الطريقة السريعة والسهلة للتحدث الفعال”.

تمحورت مؤلفات “كارنيجي” وأعماله في حياته حول التنمية البشرية وتخصصت في مجالات فنون الإلقاء والخطابة وإعطاء المحاضرات والتدريبات الشخصية على التحدث وخدمة العملاء ومهارات المبيعات، وتوفي عظيم التنمية البشرية عام 1955 بسرطان الغدد اللمفاوية.

الكاتب أنتوني روبنز:

أنتوني روبنز

من كتَّاب أهم كتب التنمية البشرية وأكثرهم معاناة في الطفولة المولود في كاليفورنيا عام 1960، وقد يصعب تصديق أنَّ الكاتب الذي يصنَّف الآن من عظماء كتَّاب التنمية البشرية ورواد المدرسة التحفيزية قد لف في مرحلة ما من حياته حبلاً حول عنقه محاولاً الانتحار، لقد كان لظروفه القاسية التي عانى منها في الطفولة وانفصال والديه وقع كبير على قلبه، فأقدم على هذا الفعل في لحظة يأس.

لكنَّ القدر تدخل على هيئة رجل عجوز أنقذه من الموت وأخذه بيده إلى عالمه المليء بالكتب، وهنا فتحت الحياة ذراعيها لـ “أنتوني” وتشرَّب كتب التنمية البشرية وعلم النفس حتى أصبح مبدعاً في هذا المجال الذي فتح أمامه أبواباً واسعةً من الثراء، فهو الذي تجرَّع علقم الفقر في طفولته حتى الثمالة.

لم ينسَ “أنتوني” معاناته السابقة؛ بل كانت دافعاً له ليمد يد العون للمحتاجين والفقراء، وفي عام 1992 أنشأ الجمعية الخيرية “مؤسسة أنتوني روبنز” وخطَّ أعظم كتب التنمية البشرية ومنها “الطاقة اللامحدودة”، و”أيقظ العملاق الذي بداخلك”.

الكاتب إيكهارت تول:

إيكهارت تول

الكاتب الألماني “إيكهارت تول” هو واحد من أشهر الكتَّاب الذين سطروا أهم كتب التنمية البشرية، وُلد في ألمانيا عام 1948 وعاش في كندا، واشتُهر بكونه محاضراً روحانياً في التنمية البشرية، ويظهر هذا الأمر جلياً في كتاباته التي لاقت رواجاً وشهرة لا يشق لها غبار.

منذ الصغر كان اهتمام “تول” منصبَّاً على علم الفلك واللغات والأدب، وهو خريج جامعة لندن، ونشير إلى أنَّه فضَّل التعلم في المنزل في سن 13 بعد تجربة مدرسية قاسية.

يتميز هذا الكاتب المصنَّف ضمن أهم كتَّاب التنمية البشرية بخطه الفريد في نشر الوعي والتنمية، ويعود الفضل في ذلك إلى تجربته الخاصة وطفولته القاسية التي عاشها وتعمقه في الفلسفة واللغات، وهذا الكاتب الذي يُعَدُّ مصدر إلهام وتشجيع للكثيرين وقع في براثن الاكتئاب قبل سن 29، ولكنَّ نقلة نوعية داخلية قلبت حياته رأساً على عقب وغيرت كل المعايير فكانت فعلاً صحوة روحية.

كان “تول” كغيره من زملائه كتَّاب التنمية البشرية عاشقاً للقراءة، وكان نهمه تجاه الكتب هو السبب في رفد سعة اطلاعه بكم هائل من المعلومات التي كانت تربة خصبة لأفكاره، وعلى الرغم من كونه ألماني الأصل، إلا أنَّه يحاضر بالإنكليزية بخفة وطلاقة وكأنَّها لغته الأم، وبفضل أفكاره السبَّاقة النيرة وأسلوبه الجذاب لاقت محاضراته إقبالاً جماهيرياً واسعاً، وله جمهور عريض في الولايات المتحدة الأمريكية.

من أشهر أعمال “إيكهارت تول” في كتب التنمية البشرية هي كتاب “قوة الآن”، وكتاب “أرض جديدة”، وكتاب “حديث السكون”، وهو يسافر بشكل مستمر برفقة عائلته حول العالم من أجل إعطاء المحاضرات وتقديم الندوات.

في الختام:

كانت هذه جولة على السير الذاتية لكتَّاب أهم كتب التنمية البشرية، هؤلاء العظماء الذين لم يتخذوا من الحياة موقفاً محايداً؛ بل خاضوا غمارها وقاسوا تجاربها بكل انفتاح وتقبُّل، وخرجوا بذلك غانمين بحفنة كبيرة من الخبرة والوعي والنضوج، فلم يبخلوا على الآخرين بحصاد تجاربهم، وراحوا يجوبون البلدان في سبيل التنوير والتنمية البشرية.

منهم من بنى صروحاً معرفية لتعليم الناس أصول تطوير الذات والارتقاء بالنفس، ومنهم من وقف متحدثاً أمام مئات آلاف الساعين نحو الأفضل الذين تلقفت آذانهم كل كلمة قيلت تعطشاً للعلم والمعرفة.

إنَّ كتب التنمية البشرية وكتَّاب التنمية البشرية وعلم التنمية البشرية بحد ذاته ما هم إلا خارطة لوصول كل إنسان إلى كنز دفين يجهل مكانه، وما هم إلا تجسيد حقيقي للآية الكريمة: {وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}، [الذاريات: 21].

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى